مقيّدة يكفي في كونه قدرا مشتركا يقينا ، والمفروض تيقّن التكليف به من ورود الخطابين وكون عنوانيهما « عتق رقبة » واحتمال المجاز في المطلق يوجب احتمال اشتراطه بالإيمان ، واحتمال المجاز في المقيّد يوجب احتمال عدم اشتراطه بالإيمان ، ومرجع تساوي الاحتمالين إلى الشكّ في الاشتراط وعدمه وهو شكّ في الزائد فينفى بالأصل ، هذا.
وأمّا رابعا : فلأنّ أصل الشغل لو صلح مرجّحا لدلالة المقيّد فأصل البراءة أيضا يصلح مرجّحا لدلالة المطلق ، ولذا تمسّك به غير واحد لإثبات الاجتزاء بأيّ فرد ، والأصلان إذا تعارضا يقدّم الوارد منهما على الآخر وهو هنا أصل البراءة كما يظهر وجهه بأدنى تأمّل.
والعجب عن بعض الأعلام أنّه في غير موضع في مسألة دوران الواجب بين التخيير والتعيين بنى على أصالة التخيير اعتمادا على أصالة البراءة النافية للضيق اللازم من التعيين ، فكيف اعتمد هنا على أصل الاشتغال لترجيح دلالة المقيّد ، مع أنّ أصله المذكور يقتضي ترجيح دلالة المطلق عملا بأصل البراءة.
المرحلة الثانية : في أنّ المقيّد بعد ثبوت وجوب حمله على المقيّد بيان للمطلق سواء اقترنا أو تقدّم المطلق أو المقيّد ، ودليله الدليل الأوّل على وجوب الحمل ولا حاجة معه إلى دليل آخر سواه ، خلافا لمن زعمه في صورة التأخّر ناسخا.
ويدفعه : ما ذكرناه ، مضافا إلى ندرة النسخ بالنسبة إلى التقييد والظنّ يلحق الشيء بالأعمّ الأغلب.
نعم لو ورد المطلق والمقيّد في كلام النبيّ صلىاللهعليهوآله وعلم بتأخّر المقيّد عن حضور وقت العمل بالمطلق لا محيص من التزام النسخ حذرا عن تأخير البيان عن وقت الحاجة.
وينبغي التنبيه على امور :
الأمر الأوّل : لا يعتبر في المقيّد أن يكون من باب الصفة بل لو لم يكن هناك صفة كما لو قال : « أعتق رقبة » و « أعتق مباركا » مثلا وجب الحمل لوحدة المناط وهو فهم العرف ولزوم التنافي بالتخيير والتعيين لولا الحمل.
وبالتأمّل في ذلك مضافا إلى ما مرّ مرارا في كلماتنا السابقة من أنّ الموجب للحمل إنّما هو هذا التنافي يندفع ما سبق إلى بعض الأوهام من لزوم التناقض على القول بعدم حجّية مفهوم الصفة ، فإنّ قائليه قد حملوا المطلق بمفهومها في مثل : « أعتق رقبة » و « أعتق رقبة مؤمنة » فإذا لم يكن مفهوم الصفة عندهم حجّة فكيف يقيّدون بها المطلق.