محبوبا ولا مبغوضا لهنّ ، فيتحقّق الإكراه ـ على معنى الإجبار ـ على الفعل ، فتأمّل.
ويرد عليه أيضا : أنّ هذا الجواب يؤول بالأخرة إلى إنكار المفهوم في الآية والمقصود إثباته ، فإنّ معنى القول بالمفهوم أنّ انتفاء الشرط سبب لانتفاء الجزاء ، ولازمه عدم كون السبب للانتفاء هو عدم الموضوع أو المحمول ، بل لا بدّ من بقائهما على حالهما مع انتفاء الشرط فقط ، فلو كانت الآية ذات مفهوم كان ذلك المفهوم : إنّ عدم إرادة التعفّف سبب لعدم حرمة الإكراه ، والمفروض في الجواب أنّ عدم إمكان الإكراه في صورة عدم إرادة التعفّف سبب لعدم حرمته ، وبينهما بون بعيد.
ثمّ إنّ لموافقي السيّد في نفي المفهوم وجوه اخر غير ما نقله المصنّف ، مذكورة في بعض الكتب ولا جدوى في الإطناب بذكرها وذكر ما يرد عليها ، فلنقتصر على الوجهين المتقدّمين.
فائدتان
الفائدة الاولى
قد تقرّر من تضاعيف كلماتنا في المسألة ومقدّماتها أنّ القضيّة الشرطيّة عند مشهور الطائفة يقتضي التلازم بين المقدّم والتالي في كلّ من طرفي الوجود والعدم ، وينحلّ ذلك التلازم إلى ملازمة وجود الأوّل لوجود الثاني ، وملازمة وجود الثاني لوجود الأوّل ، وملازمة عدم الأوّل لعدم الثاني ، وملازمة عدم الثاني لعدم الأوّل.
وربّما يتوهّم المنافاة بينه وبين ما عليه جمهور أهل الميزان في القياس الاستثنائي من اختصاص إنتاجه بصورتين : استثناء نقيض التالي ينتج رفع المقدّم ، واستثناء وضع المقدّم ينتج وضع التالي ، بخلاف ما عليه الاصوليّون فإنّه يقتضي الإنتاج في كلّ من الرفع والوضع لكلّ من المقدّم والتالي ، فصور النتيجة الحاصلة من القياس الاستثنائي عندهم أربعة.
وربّما اعتذر بتغاير طريقة الفريقين في أدوات الشرط ، فإنّ أهل الميزان اصطلحوها في الدلالة على مجرّد التلازم بين الشيئين.
وفيه : ما لا يخفى أن يقال بأنّ الاختلاف الّذي يتراءى بين الفريقين اختلاف نشأ من اختلاف موضوعي بحثهما ، فإنّ الاصوليّين خصّوا محلّ بحثهم بالألفاظ باعتبار دلالاتها على المعاني إثباتا ونفيا ، ليظهر فائدته في الشرعيّات الّتي يكتفى فيها بالظنّ والظهور المستندين إلى دلالات الألفاظ ، والآخرين خصّوا موضوع بحثهم بالمعاني من حيث إيصالها إلى المجهول النظري إثباتا ونفيا ، ليحصل فائدته في العقليّات الّتي يضرّ بدلائلها