و ( أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ )(١) ونظائرهما ، وقد يكون لكونه مجملا كما في : ( أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ )(٢) وغيرهما ، حتّى على القول بالأعمّ بناء على ما حقّقناه في مسألة الصحيح والأعمّ من أنّ القول بالصحيحة مع القول بالأعمّ سيّان في إجمال أسامي العبادات المضادّ للإطلاق غير أنّه على الأوّل مفهومي وعلى الثاني مرادي ، والمائز بين القسمين أنّ المطلق في القسم الأوّل لابدّ وأن يكون من الألفاظ الدالّة على نفس الحكم الشرعي وفي الثاني من الألفاظ الدالّة على موضوعه كأسامي العبادات.
وإن شئت قلت : إنّ مورد الشرط المذكور هو ما كان من قبيل القسم الأوّل وأمّا ما كان من قبيل القسم الثاني فهو ليس من المطلق بل هو من المجمل على حدّ « رجل » في : « جاءني رجل » فكما أنّه لا يسمّى مطلقا لكون المراد به ما يكون معيّنا عند المتكلّم مجهولا للسامع فكذلك أسامي العبادات لا يصدق عليها المطلق لكون المراد منها ما هو المعيّن عند الله الغير المعلوم للمكلّفين حتّى على القول بالأعمّ كما عرفت.
المقام الثالث
فيما يتعلّق بالمطلق من حيث حمله في خطاب الشرع على المقيّد وعدمه فنقول : إذا ورد كلّ منهما في خطاب فأقسامهما الأوّلية ثلاث : لأنّه إمّا أن يختلف حكمهما أو يتّحد ، وعلى الثاني فإمّا أن يختلف موجبهما وهو سبب الحكم أو يتّحد.
أمّا القسم الأوّل : فكما لو قيل : « أطعم يتيما » و « اكس يتيما هاشميّا » فظهر أنّ المراد من الحكم في عنوان هذا القسم وغيره هو المحكوم به من إطلاق المصدر على معنى اسم المفعول مجازا ، وظاهر أنّ الحكم بمعنى المحكوم به عبارة عن موضوع الحكم الشرعي.
وإنّما لم يعبّر عن المقسم في التقسيم الأوّل بموضوع الحكم بل تجوّز بذكر المصدر وإرادة معنى اسم المفعول مراعاة للتغائر اللفظي بين المقسم في التقسيم الأوّل والمقسم في التقسيم الثاني ، فإنّ مصطلح الاصولي في الموضوع ليس كمصطلح المنطقي لأنّه في اصطلاح المنطقي عبارة : عمّا وضع وعيّن في القضيّة لأن يحمل عليه المحمول « كزيد » في « زيد قائم » وعند الاصوليّين عبارة عن : كلّ ما له مدخليّة في الحكم الشرعي سواء كان موضوعا منطقيّا أو محمولا منطقيّا أو شرطا للحكم أو سببا وعلّة له أو قيدا من قيود
__________________
(١) المائدة : ٤ ـ ٥.
(٢) البقرة : ٤٣.