أصل
واختلفوا في أنّ المطلوب بالنهي ما هو* (١)؟
___________________________________
منها : أنّ شيوع الاستعمال في الكراهة مع القرينة لا يستلزم تساوي الاحتمالين في المجرّد عن القرينة.
نعم إن ثبت شيوع الاستعمال بدون القرينة المقارنة بأن يكون استعمالهم فيه مطلقا وعلم بدليل منفصل أنّ مرادهم كان هو الندب فلا يبعد ما ذكر ، وكأنّ مراده هذا لكن إثبات مثل هذا الشيوع لا يخلو عن إشكال.
ومنها : أنّ الاطّلاع على مثل هذا الشيوع إنّما حصل بملاحظة الأخبار الكثيرة الواردة عنهم عليهمالسلام ، وأمّا كلّ واحد من الرواة لم يكن مثلهم في الاطّلاع على الغلبة الناشئة عن تلفيق جميع الأخبار وضمّ بعضها مع بعض ، فكان اللازم عنده الحمل على الحقيقة ، والمعتبر فهم الراوي لأنّه المخاطب دون غيره.
ومنها : المنع من أنّ الغلبة تمنع من الحمل على الحقيقة ، فإنّ تخصيص العمومات قد شاع حتّى اشتهر « ما من عامّ إلاّ وقد خصّ » مع اتّفاق العلماء على وجوب حمل اللفظ على الحقيقة ، وفيه ما لا يخفى من الفساد.
ومنها : أنّ حمل أكثر الأخبار على المجاز لا يستلزم أكثريّته في عرف الأئمّة عليهمالسلام ، فإنّ الحمل فيها عليه قد يكون باعتبار قيام القرينة على أنّه المراد ، وقد يكون باعتبار قصور الرواية عن الحجّيّة فيحمل عليه لأنّ التأويل أولى من الطرح ، وهذا لا يستلزم المجاز في الواقع.
فبالجملة الغلبة غير مسلّمة ، وعلى فرض الظنّ بها يتّجه المنع إلى أنّ الغلبة الظنّيّة [ لا ] تعارض أصالة الحقيقة.
ومنها : اتّفاق أصحابنا المتقدّمين والمتأخّرين على عدم الفرق بين النبيّ صلىاللهعليهوآله في الأخبار المرويّة عنه صلىاللهعليهوآله وبين الأئمّة عليهمالسلام في الأخبار المرويّة عنهم في وجوب الحمل على الحقيقة.
ثمّ لا يذهب عليك أنّ النهي الوارد عقيب الإيجاب كالأمر الوارد عقيب التحريم ، فكما أنّه بملاحظة المقام لمجرّد رفع المنع عن الفعل الملازم للاباحة بمعناها الأعمّ ، فكذلك النهي فإنّه لا يفيد سوى رفع المنع عن الترك الّذي هو أعمّ من التحريم ، فلا يعلم التحريم إلاّ مع القرينة الرافعة لأثر تلك القرينة كما يشهد به ملاحظة العرف وعليه غير واحد من أصحابنا.
(١) * قد تبيّن فيما تقدّم أنّ النهي مادّة وصيغة متضمّن للطلب ، وظاهر أنّ الطلب لا بدّ له