المجاز ، وليس بين المعنيين مفهوم عامّ يراد من اللفظ من باب عموم المجاز ، وعلى فرضه ـ كما قيل من أن يراد منه التوجّه إلى الامتثال بمضمونه حسب الاستطاعة ، بمعنى عدم التغافل ممّا له مدخليّة في ذلك سواء كان هو نفس المقدّمات أو الشروع أو هذه مع بعض أجزاء المأمور به ـ فهو مجاز مرجوح لغاية شذوذه وكمال ندرته ، ومع هذا فلا يصار إليه إلاّ حيث ساعد عليه قرينة واضحة وليست موجودة في المقام ، مع كون الأصل في الاستعمال الحقيقة ، ومجرّد انتفاء الشرط لا يصلح قرينة عليه على جهة التعيين ، لارتفاع ما يلزم من جهته من محذور التكليف بغير المقدور بالتخصيص أيضا ، فيقدّم عليه لأنّه أرجح.
وعن المعتزلة المانعين من الأمر بما علم انتفاء شرطه ، الاحتجاج بوجوه :
منها : ما أشار إليه الحاجبي وغيره من أنّ الفعل الّذي علم الآمر بانتفاء شرط وقوعه ليس بممكن ، فلو صحّ الأمر به لم يكن إمكان المكلّف به شرطا في التكليف ، والتالي باطل بالاتّفاق فكذا المقدّم.
وأجابوا عنه : بما تقدّم الإشارة إليه في المقدّمة الثانية ، ويدفعه : عدم الفرق في استحالة التكليف بالممتنع بين الممتنع بالذات والممتنع بالعرض لوحدة المناط وهو تعذّر الامتثال ، والاعتذار له بأنّ التكليف بالشيء لا يقتضي وقوع المكلّف به لأنّه قد يكون لأجل الابتلاء كما تقدّم ثمّة ، يدفعه : ما حقّقناه من خروج الأمر الابتلائي بكلا اعتباريه عن موضوع المسألة لأنّه ليس تكليفا في الحقيقة ، ولو سلّم فهو تكليف بما عدا الفعل المنتفي عنه الشرط.
ومنها : أنّه لو صحّ التكليف بما علم الآمر انتفاء شرطه لصحّ بما علم المأمور أيضا قياسا عليه ، والجامع كون كلّ واحد معلوما عدم حصوله ، والتالي باطل بالإجماع فكذا المقدّم ، وقد أشار إليه الحاجبي أيضا.
وأجابوا عنه : بما تقدّم الإشارة إليه عند تحرير الأقوال.
ويدفعه : أنّ محصّل الجواب جعل فائدة التكليف فيما علم الآمر العزم على الامتثال وهذه الفائدة لا تتمشّى فيما علم المأمور ، لعلمه بالامتناع. فلا يعزم على الامتثال فيلغو التكليف.
وقد عرفت حال التكليف الابتدائي المقصود به العزم على الامتثال من خروجه من موضوع المسألة.
ومنها : ما قرّره في المنية من « أنّ الفعل مع عدم شرطه ممتنع ، ولا شيء من الممتنع