وأنكر ذلك قوم ؛ لظنّهم أنّه يؤدّي إلى جواز ترك الواجب. ثمّ إنّهم افترقوا على ثلاثة مذاهب.
أحدها : أنّ الوجوب ، فيما ورد من الأوامر الّتي ظاهرها ذلك ، مختصّ بأوّل الوقت*
__________________________________
يمتاز الواجب الموسّع عن المضيّق ، إذ ليس في تأخير المضيّق عن وقته المضروب له عفو حتمي بخلاف الموسّع ، فإنّ ما فيه من التوسعة في الوقت يرجع إلى التوسعة في وقت العفو الحتمي بعد انقضاء وقت الأداء إلى آخر الوقت الّذي دلّ عليه النصّ.
وعن اختيار الشق الثاني ودفع أوّل المحاذير بالتزام وجوب نيّة النفل تحصيلا لمطابقة النيّة للعمل ، فإنّ من يجعل أصل العمل نفلا لا يبالي عن القول بكون الواجب في نيّته نيّة النفل ، إذ لا يمنعه عن ذلك مانع بعد ما لم يكن له مانع عن القول بكون أصل العمل نفلا.
ودفع ثانيها بمنع تحريم الأذان والإقامة أوّل الوقت هنا مع منافاته لاختصاصهما بالفرائض ، فإنّ من يجعل العمل أوّل الوقت نفلا إنّما يجعله بدعوى قيامه مقام الفرض وكونه نازلا منزلته ولذا يلتزم بكونه مسقطا عنه ، فإذا دلّه الدليل على تلك الدعوى يسهّل عليه الأمر في تحليل الأذان والإقامة إذ ادّعى كونه من مقتضيات عموم المنزلة ، فإنّ معنى كونه قائما مقام الفرض أن يلحقه جميع أحكامه أو الظاهرة من أحكامه الّتي منها اشتراط الطهارة في الصحّة مثلا.
ومنها : سقوط الأمر بحصوله في الخارج.
ومنها : جواز الأذان والإقامة له إلى غير ذلك ممّا هو من خواص الفرض ، فيختصّ الحكم في تحريمهما حينئذ بما لم يكن من النوافل قائما مقام الفريضة كما لا يخفى.
ودفع ثالثها بمنع الملازمة لو اريد بعدم تأدية الفرائض عدم تأديتها ولا تأدية ما يقوم مقامها.
ومنع بطلان التالي لو اريد به عدم تأديتها مع تأدية ما يقوم مقامها.
ودفع رابعها بأنّ كون تقديم المغرب أفضل من تأخيرها لا ينافي عدم كون النفل أفضل من الفرض ، لأنّ ذلك حكم ثبت للنفل الّذي لم يكن قائما مقام الفرض ، وأمّا ما قام مقامه فلا مانع من أن يثبت له أحكامه الّتي منها أفضليّة التقديم ، أخذا بموجب قيامه مقامه.
* عزاه في بيان المختصر إلى طائفة ، وفي شرح المنهاج إلى من هو من أصحاب