فقال : « وفي الفقهاء والمتكلّمين من يجوّز أن يأمر الله تعالى بشرط أن لا يمنع المكلّف من الفعل ، أو بشرط أن يقدره. ويزعمون : أنّه يكون مأمورا بذلك مع المنع* (١). وهذا غلط ؛ لأنّ الشرط إنّما يحسن فيمن لا يعلم العواقب ولا طريق له إلى علمها ،
___________________________________
كيف وأنّ هذا التعبير إنّما يتأتّى النزاع فيه بعد الفراغ عن النزاع في التعبير المعروف والبناء فيه على كون شرائط الوقوع ما أخذت عقلا أو شرعا شروطا للوجوب أيضا ، ولولا ما يأتي من عبارة السيّد لجزمنا بعدم كون مراده في هذه التأدية التعبير عن العنوان المعروف ، بل هي ايراد لمسألة كلاميّة اخرى مستقلّة برأسها.
(١) * يعني زعموا أنّه يكون مأمورا بذلك الفعل مع انتفاء شرطه وهو عدم المنع من الفعل.
وهذا من السيّد قدسسره هو الّذي ربّما يدخل في الوهم ما دعى المصنّف إلى التصديق فيما ادّعاه سابقا من كون ذلك تعبيرا عن العنوان المعروف ، وقد عرفت أنّه ليس كذلك.
ثمّ لا يخفى ما في هذا التعبير من المناقضة الواضحة ، فإنّ الأمر إذا فرض وروده منه تعالى مشروطا فكيف يقال معه بكون المكلّف مأمورا بالفعل مع انتفاء الشرط أيضا؟ ولو صحّ مع ذلك كونه مأمورا عند العقل فكيف يقال بكون الأمر مشروطا؟ فإنّ إثبات كلّ يستلزم نفي الآخر والجمع بينهما جمع بين المتناقضين ، إلاّ أن يراد بالاشتراط ما كان بصورة التعليق لا التعليق الحقيقي ، وحينئذ يبطل جميع ما ذكره السيّد في ابطال هذا القول ، إذ لا مانع عقلي ولا شرعي عن التعليق الصوري إذا ساعد عليه حكمة راجحة في نظر الحكيم.
وكيف كان فالعمدة صرف النظر في تحقيق أصل المطلب ، وهو أنّه هل يصحّ التعليق من العالم بالعواقب أو لا؟ ففيه خلاف على قولين أو أقوال :
أوّلها : عدم الصحّة مطلقا ، صرّح به السيّد فيما حكاه عنه المصنّف قائلا : « بأنّ الشرط إنّما يحسن فيمن لا يعلم العواقب ولا طريق له إلى علمها ، فأمّا العالم بالعواقب وبأحوال المكلّف فلا يجوز أن يأمره بشرط » ويستفاد من أطراف كلامه كون سند المنع عنده القبح العقلي من جهة اللغويّة ونحوها.
ووافقه الشيخ رحمهالله أيضا ـ على ما حكاه بعض الأعاظم ـ وتبعهما المصنّف حيث استحسن ما ذكره السيّد وارتضاه بعد ما فرغ من نقل كلامه ، وعليه بعض الأعلام في قوله :