منها شدّة الاهتمام ببيان حكم محل الوصف ، إمّا لاحتياج السامع إلى بيانه ، كأن يكون مالكا للسائمة مثلا دون غيرها ، أو لدفع توهّم عدم تناول الحكم له ، كما في قوله تعالى : ( وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ ) ؛ فانّه لولا التصريح بالخشية لأمكن أن يتوهّم جواز القتل معها ؛ فدلّ بذكرها على ثبوت التحريم عندها أيضا.
ومنها أن تكون المصلحة مقتضية لإعلامه حكم الصفة بالنصّ وما عداها بالبحث والفحص.
ومنها وقوع السؤال عن محلّ الوصف دون غيره ، فيجاب على طبقه ، او تقدّم بيان حكم الغير لنحو هذا من قبل.
___________________________
وأمّا في الثاني : فلأنّ حيثيّة الوصف إن لم تكن علّة للحكم لكان المناسب تركها والاقتصار على ما يفيد الذات فقط ، إذ تلك الحيثيّة إذا لم تكن لها علّيّة فينحصر العلّيّة في الذات ، فإذا انحصرت فيها كان ذكرها بمجرّدها أولى ، إذ التعليل بالذاتي أولى من التعليل بالعرضي ، لحصوله قبل حصول العرضي ، والحكم الّذي هو المعلول قد كان حاصلا قبل حصول العرضي فكان التعليل به خاليا عن الفائدة.
واجيب عنه : بأنّ العبث إنّما يثبت إذا لم يوجد للوصف فائدة اخرى والفوائد كثيرة غير منحصرة في الاحتراز ، كالاهتمام وعلم السامع بحكم الفاقد للوصف أو عدم حاجته ، أو وقوع السؤال عن واجد الوصف فاجيب على طبقه ، أو عدم المصلحة في بيانه ، أو دفع توهّم عدم شمول الحكم لمحلّ الوصف لخفائه كما في قوله تعالى : ( لا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ )(١) أو قضاء العادة بأنّ المحتاج إلى البيان بعض أفراد الموضوع أو غير ذلك ممّا لا يحصى.
ودعوى أنّ الاحتراز أظهر الفوائد غير مسموعة ، مع ما فيها من معارضتها لما حكي عن الأخفش من اختصاص الصفة بالتوضيح.
ولنختم المسألة بذكر أمور مهمّة يترتّب عليها فوائد كثيرة :
أحدها : أنّ المنطوق كائنا ما كان إذا كان عامّا فهل يتبعه فيه المفهوم حيث بنينا على حجّيّته ـ
__________________
(١) الإسراء : ٣١.