تقديم لحوق بعضها كالتنوين على الوجه الكلّي بالنسبة إلى الألفاظ في زمان وتأخير لحوق البواقي كذلك.
وأمّا ما عن أهل العربيّة من الاختلاف في تعيين الأصل والفرع من إسم الجنس المعرّف واسم الجنس المنوّن فقيل : بأنّ الجنس المعرّف باللام أصله كان منوّنا ثمّ عرّف باللام ، وقيل : بأنّ المنوّن أصله كان معرّفا باللام ثمّ نوّن.
ففيه أوّلا : أنّ كليهما ـ بناء على ما حقّقناه من وضع الجميع مع قطع النظر عن اللواحق ـ فرعان للجنس المجرّد عن « اللام » والتنوين الموضوع للماهيّة من حيث هي ، ثمّ عرّف باللام لإفادة شرط حضورها في الذهن ونوّن لإفادة شرط وجودها مع الوحدة.
وثانيا : بأنّ جعل المنوّن أصلا دون المعرّف كجعل المعرّف أصلا دون المنوّن تحكّم ، لتساويهما في اللفظ من حيث لحوق « اللام » تارة والتنوين اخرى للّفظ ، وفي المعنى أيضا من حيث طروّ شرط للماهيّة وهو إمّا الحضور في الذهن أو الوجود في الخارج ، هذا مضافا إلى أنّ اللواحق إذا كانت تتعاور على لفظ واحد على حسب مقتضى المقام الّذي يختلف باختلاف المستعملين من دون ترتّب ولا تقدّم بعضها على بعض في الرخصة فجعل ما لحقه بعضها أصلا وغيره فرعا تحكّم وترجيح بلا مرجّح.
وبعد ما تقرّر أنّ أسماء الأجناس بأسرها مجرّدة عن اللواحق موضوعة بأوضاع شخصيّة للماهيّات الملحوظة من حيث هي هي ، فهل طرءها مع اللواحق زيادة على الأوضاع الشخصيّة أوضاع اخر نوعيّة بإزاء المعاني النوعيّة المستفادة من جهة اللواحق متعلّقة بالهيئة التركيبيّة أو لا؟ فيه خلاف آخر على قولين ، يظهر الجزم بأوّلهما من بعض الأعلام ، والأظهر ثانيهما ولعلّه مذهب الأكثر للأصل مع عدم ضرورة دعت إلى طروّ الأوضاع النوعيّة للهيئة التركيبيّة ، إذ لا يتولّد من تركيب إسم الجنس مع اللواحق معنى آخر زائد على معنيي الجزئين ليمسّ الحاجة إلى وضع لفظ بإزائه ، ولا يكون إلاّ الهيئة التركيبيّة ، إذ المعاني النوعيّة المستفادة من جهة اللواحق ليست إلاّ الشروط الأربعة الّتي تتعاور على الماهيّة وهي : شرط حضورها في الذهن ، وشرط وجودها في ضمن فرد واحد لا بعينه ، وشرط وجودها في ضمن فردين لا بعينهما ، وشرط وجودها في ضمن ما زاد على فردين لا بعينه ، وهذه الشروط وإن كانت زائدة على أصل الماهيّة الّتي هي معنى إسم الجنس ولكنّها ليست بزائدة على معنيي الجزئين بل هي بأعيانها معاني اللواحق لا غير ،