وحمله على المجاز مخالف للأصل » انتهى.
ومحصّله يرجع إلى منع المبنيّ عليه هذا القول من كون ألفاظ العبادات وغيرها موضوعة للصحيحة من المعاني الشرعيّة ، وهذا في محلّه فإنّ الصحيح كونها للأعمّ من الصحيحة والفاسدة ، وحينئذ فالمنهيّ عنه يكون هو الأعمّ وهو مقدور ولو في ضمن فرده الفاسد ، ولو سلّم وضعها للصحيحة خاصّة يتوجّه إلى الدليل أيضا : أنّ أهل القول بذلك لا ينكرون جواز الاستعمال من الشارع في الأعمّ أو خصوص الفاسدة على ما هو المصرّح به في محلّه.
غاية الأمر أنّهم يجعلونه على وجه المجاز ، فلم لا يجوز أن يكون الشارع قد تجوّز بتلك الألفاظ الواقعة في حيّز النواهي بإرادة الأعمّ أو الفاسد خاصّة فينتفي الدلالة على الصحّة؟
والتحقيق في دفع الاحتجاج ـ بعد الإغماض عن كونه أخصّ من المدّعى لو كان دعوى الدلالة على الصحّة فيما يعمّ المعاملات أيضا لعدم جريان ما هو العمدة من مقدّماته فيها وهو لزوم التكليف بغير المقدور المستحيل من الحكيم لو كان الصحيح غير ممكن الحصول ـ : منع المقدّمة الاولى ولو بمنع كون الألفاظ أسامي لخصوص الصحيحة ، فالمعنى الشرعي أعمّ منها ومن الفاسدة.
ولو سلّم فيتوجّه إليه إنتاجه الصحّة بمعنى موافقة الأمر أو إسقاط القضاء لعدم دخول الصحّة بهذا المعنى في مسمّى اللفظ على القول بالصحيحة ، ولا في المراد منه على تقدير إرادة الصحيحة على القول بالأعمّ ، فغاية ما يثبت بمقدّمتي الدليل بعد التوجيه المتقدّم هو الدلالة على الصحّة وهو اجتماع الماهيّة الشرعيّة المنهيّ عنها للأجزاء والشرائط الواقعيّتين ، وهذا لا يلازم كونها من المكلّف المنهيّ مأمورا به ليثبت الصحّة بمعنى موافقة الأمر أو إسقاط القضاء كما تقدّم ذكره مشروحا.
ومن الأعلام من أجاب عن شبهة التكليف بغير المقدور بعد ما قرّرها في خصوص صلاة الحائض : « بأنّا نقول : إنّها متمكّنة عن الصلاة الصحيحة في الجملة وإن لم تكن صحيحة بالنسبة إلى خصوص الحائض.
ولا ريب أنّ الصلاة الجامعة للشرائط غير عدم كونها في أيام الحيض صحيحة بالنظر إلى سائر المكلّفين وبالنظر إليها قبل تلك الأيّام ، وعدم تمكّنها من الصلاة الصحيحة بالنسبة إلى نفسها وامتناعها عنها إنّما هو بهذا المعنى ، والنهي وطلب ترك الممتنع بهذا المنع لا مانع