حجّة النافين للدلالة مطلقا ، لغة وشرعا : أنّه لو دلّ لكان مناقضا للتصريح بصحّة المنهي عنه. واللازم منتف ، لأنّه يصحّ أن يقول : « نهيتك عن البيع الفلانيّ بعينه مثلا. ولو فعلت لعاقبتك. لكنّه يحصل به الملك ».
وأجيب : بمنع الملازمة ، فإنّ قيام الدليل الظاهر على معنى لا يمنع التصريح بخلافه ، وأنّ الظاهر غير مراد. ويكون التصريح قرينة صارفة عمّا يجب الحمل عليه عند التجرّد عنها.
_______________________________
واجيب عنه ـ على ما أشار إليه الحاجبي أيضا ـ : بأنّ الامتناع لأجل النهي لا لذات المنهيّ عنه فإنّ النهي قد تعلّق به فصار ممتنعا ، والممتنع إنّما لم ينه عنه إذا كان امتناعه سابقا على النهي ولم يكن مسبّبا عنه.
وظنّي أنّ تقرير دليل هذا القول بالوجهين المذكورين اشتباه نشأ عن الخلط بين مقدّمتي دليل واحد.
وتوضيحه : أنّ ما قرّر في الوجه الأوّل مقدّمة ذكرت لإحراز أنّ المراد بالألفاظ الشرعيّة الواقعة في حيّز النواهي عبادة ومعاملة إنّما هو المعاني الشرعيّة دون اللغويّة والعرفيّة.
وما قرّر في الوجه الثاني مقدّمة ذكرت لإحراز الصحّة المطلوبة في المقام.
فملخّص الوجهين : أنّ هذه الألفاظ يراد منها المعاني الشرعيّة للاتّفاق على أنّ المعاني اللغويّة غير منهيّ عنها كما يكشف عنه عدم حرمة الدعاء ولا الإمساك المطلق على الحائض اتّفاقا.
ثمّ المعنى الشرعي المراد من اللفظ إمّا أن يكون ممّا يمكن وقوعه من المكلّف المنهيّ وتحقّقه في الخارج بوصف أنّه منهيّ عنه أو لا؟ والثاني باطل لاستحالة النهي عن الممتنع ، فتعيّن الأوّل وهو المطلوب.
وبما تقدّم من تفريع هذا القول على القول بالصحيحة يظهر التقريب في دعوى ثبوت المطلوب بمجرّد كون المعنى الشرعي المراد من اللفظ المنهيّ عنه ممّا يمكن حصوله وتحقّقه في الخارج ، إذ على القول بالأعمّ لا ملازمة بين الأمرين فإنّ الأعمّ المنهيّ عنه الممكن حصوله كما هو قضيّة الفرض لا يلازم الصحّة كما لا يخفى.