وبما قدّمناه في الاحتجاج على دلالة النهي على الفساد في العبادات يظهر جواب الاستدلال على انتفاء الدلالة لغة ؛ فإنّه على عمومه ممنوع. نعم هو في غير العبادات متوجّه.
واحتجّ مثبتوها كذلك لغة أيضا ، بوجهين :
أحدهما : ما استدلّ به على دلالته شرعا ، من أنّه لم يزل العلماء يستدلّون بالنهي على الفساد.
_______________________________
ثمّ الظاهر أنّ القضيّة في دعوى الملازمة المذكورة ليست من باب الدائمة المطلقة بل من باب العرفيّة العامّة ، على معنى أنّ النهي ملزوم للصحّة ما دام مجرّدا عمّا يقضي بخلاف الصحّة فلا ينافيه قيام دليل معه على إرادة الفساد.
فيندفع بذلك أيضا ما احتجّ به في المنية على بطلانها من أنّه لو كان دالاّ على صحّة المنهيّ عنه لزم أحد الأمرين من صحّة ما وقع الاتّفاق على عدم صحّته كصلاة الحائض ونكاح المحرّمات المنهيّ عنها ، وبيع الملاقيح وهو بيع الجنين في بطن امّه وخصّ بالبعير ، وبيع المضامين وهو بيع ما في أصلاب الفحول ، وبيع حبل الحبلة وهو بيع ولد الجنين الّذي في بطن امّه وغير ذلك ، أو تخلّف المدلول عن دليله والتالي بقسميه باطل ، والملازمة واضحة من جهة ورود النهي الشرعي عن الأشياء المذكورة ، فإمّا أن يقال بتحقّق الصحّة فيها فيلزم الأوّل ، أو يقال بعدم تحقّقها فيلزم الثاني.
ثمّ في كلام غير واحد تفريع هذا القول على القول بالصحيحة في ألفاظ العبادات بل المعاملات أيضا.
وفيه : منع الابتناء نظرا إلى التوجيه المذكور فإنّه جار على القول بالأعمّ أيضا ، ضرورة أنّ الصحّة إذا كانت من مقتضى عموم أو إطلاق دليل مشروعيّة العبادة أو المعاملة وإن لم يكن هناك نهي عنها فلا يتفاوت في ثبوتها الحال بين القولين في ألفاظ العبادات والمعاملات.
مع أنّ الصحّة الثابتة بفرض كون اللفظ اسما للصحيحة مع انضمام مقدّمة أصالة الحقيقة في الاستعمال لا تجدي نفعا في ثبوت الصحّة المطلوبة في المقام قبالا للفساد المطلوب من النهي على القول بدلالته عليه ، وذلك لأنّها صحّة بالمعنى المبحوث عنه في مسألة الصحيح والأعمّ وهي كون الماهيّة مجتمعة للامور المعتبرة فيها من الأجزاء والشرائط