وأمّا انتفاء الدلالة لغة ، فلأنّ فساد الشيء عبارة عن سلب أحكامه. وليس في لفظ « النهي » ما يدلّ عليه لغة قطعا* (١).
والجواب عن الأوّل : أنّه لا حجّة في قول العلماء بمجرّده ، ما لم يبلغ حدّ الاجماع. ومعلوم انتفاؤه في محلّ النزاع ؛ إذا لخلاف والتشاجر فيه ظاهر جليّ.
_______________________________
ملكيّة أو زوجيّة أو نحو ذلك مع ورود النهي عنها لوجود جهة مقبّحة فيها باعتبار الخارج.
وإلى ذلك ينظر ما قرّره بعض الأعلام : « من كون مصلحة أصل النهي راجحة لا تقتضي مرجوحيّة ترتّب الأثر بالنسبة إلى عدمه ، فترك الفعل أوّلا راجح على فعله ، أمّا لو فعل وعصى فترتّب الأثر عليه راجح على عدمه ، ولا منافاة بينهما أصلا إذ رجحان النهي إنّما هو على الفعل ورجحان الترتّب إنّما هو على عدم الترتّب وهاتان المصلحتان ثابتتان للنهي ولترتّب الأثر بالذات ، لا أنّه يعرض مصلحة الترتّب بعد اختيار الفعل كما توهّمه المدقّق الشيرواني » انتهى.
ومحصّله : أنّه لو دار الأمر بين الفعل والترك فمصلحة النهي تقتضي رجحان الترك على الفعل لما فيه من حسم مادّة المفسدة المترتّبة على الفعل ولكن لو عصى المكلّف واختار الفعل ودار الأمر بين ترتّب الأثر وعدمه فمصلحة الصحّة تقتضي رجحان الترتّب على عدمه لما فيه من حفظ الحقوق والأموال أو صيانة الفروج والأنساب ، ولا ينافيه فوات مصلحة النهي حينئذ وترتّب مفسدة الفعل عليه.
(١) * فيه : أنّه إنّما يتّجه لو كان المتنازع فيه دلالة لفظ « النهي » عليه باعتبار وضعه الإفرادي وليس كذلك ، بل المتنازع فيه دلالة الكلام المشتمل على النهي عليه باعتبار وضعه التركيبي الّذي يكشف عنه العرف خصوصا إذا قدّرنا النهي إرشاديّا ، فإنّ محصّله : أنّ الكلام المتعقّب للعامّ أو المطلق المقتضيين للصحّة ظاهر في نظر العرف في كون النهي الوارد فيه مرادا منه الإرشاد إلى انتفاء الصحّة في الواقع وينتهض ذلك قرينة كاشفة عن عدم اعتبار العموم أو الإطلاق في نظر المتكلّم بالقياس إلى المورد.
وإن أبيت إلاّ وأنّ الكلام في لفظ « النهي » ففرض كونه إرشاديّا يكفي في نهوض الدلالة لغة لأنّ الإرشاد من جملة معانيه اللغويّة وإن كان مجازيّا ، بل ولو فرض كونه