لنا على اوليهما : أنّ النهي يقتضي كون ما تعلّق به مفسدة ، غير مراد للمكلّف. والأمر يقتضي كونه مصلحة مرادا. وهما متضادّان ؛ فالآتي بالمنهيّ عنه لا يكون آتيا بالمأمور به* (١).
_______________________________
الوضعي ما ورد في أخبار الطلاق أيضا من « أنّ الطلاق الّذي أمر الله به في كتابه وسنّة نبيّه صلىاللهعليهوآله أنّ المرأة إذا حاضت وطهرت من حيضها أشهد برجلين عدلين قبل أن يجامعها على تطليقة ثمّ هو أحقّ برجعتها ما لم تمض لها ثلاثة قروء ، فإن راجعها كانت عنده على تطليقتين ، فإن مضت ثلاثة قروء قبل أن يراجعها فهي أملك بنفسها ، فإذا أراد أن يخطبها مع الخطّاب خطبها ، فإن تزوّجها كانت عنده على تطليقتين وما خلى هذا فليس بطلاق ».
فإنّ قوله عليهالسلام : « وما خلى هذا فليس بطلاق » تصريح بنفي الطلاق عمّا عدا الطلاق المذكور بالشرائط المذكورة أي ما خالفه ولم يطابقه ، وهو في الرواية معنون بالأحكام الوضعيّة ، فإنّ كلّما ذكر فيها من التفاصيل حكم وضعي ارشد إليه ، وكذلك ما هو وارد في الكتاب فإنّه معنون بالأحكام الوضعيّة وإن ورد الخطاب بها في بعض الأحيان بصورة الأمر.
وفي معناها في الدلالة على ما بيّنّاه ما في الموثّق عن الباقر عليهالسلام أنّه قال : « إنّ الطلاق الّذي أمر الله عزّ وجلّ به في كتابه والّذي سنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله أن يخلّى الرجل عن امرأته فإذا حاضت وطهرت عن محيضها أشهد برجلين عدلين على تطليقه وهي طاهر من غير جماع فهو أحقّ برجعتها ما لم تنقض ثلاثة قروء وكلّ طلاق ما خلى هذا فباطل ليس بطلاق ».
وأصرح منهما في الدلالة عليه ما عن البزنطي سأل أبا الحسن عليهالسلام عن رجل طلّق امرأته بعد ما غشيها بشهادة عدلين فقال عليهالسلام : ليس هذا طلاقا ، فقلت : جعلت فداك كيف طلاق السنّة؟ فقال عليهالسلام : يطلّقها إذا طهرت من حيضها قبل أن يغشيها بشاهدين عدلين كما قال الله عزّ وجلّ في كتابه ، فإن خالف ذلك يردّ إلى كتاب الله عزّ وجلّ (١).
(١) * الضمير عائد ظاهرا إلى كونه مرادا وكونه غير مراد وإلاّ فأصل المصلحة والمفسدة لا تضادّ بينهما إذا كانت إحداهما مستندة إلى أصل الماهيّة والاخرى ناشئة عن الخصوصيّة المكتنفة بها غاية ما هناك امتناع قيام التأثير فعلا بكلّ منهما.
وأمّا قوله : « فالآتي بالمنهيّ عنه لا يكون آتيا بالمأمور به » فالظاهر أنّه لا يرتبط بما
__________________
(١) الوسائل ٧ : ٢٨٢ الباب ١٠ من أبواب مقدّمات الطلاق ح ٤.