تضمّنت أصلا وهو أنّ كلّ شيء يخالف الكتاب فهو مردود إلى ما يقتضيه الكتاب من البطلان والفساد.
ولا ريب أنّ المعاملة المحرّمة ممّا يخالف الكتاب فيجب ردّها إليه ، ولو لا أنّ النهي يقتضي الفساد لما كان الردّ إلى الكتاب موجبا له.
وقد يقرّر الوجه : بأنّها جعلت معيار البطلان مخالفة الكتاب والسنّة ، ولا ريب أنّ مخالفة النهي الكتابي في المعاملة مخالفة للكتاب فيكون المنهيّ عنه فاسدا فإنّ المتبادر من قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « كلّ شيء خالف كتاب الله فهو ردّ إلى كتاب الله » ـ والله أعلم ـ أنّ كلّ عمل خارجي وقع مخالفا لما ورد في كتاب الله من العنوان الكلّي الّذي علّق عليه الحكم الشرعي تكليفا ووضعا مردود في استفادة حكمه من حيث الصحّة والفساد إلى ذلك العنوان الوارد في الكتاب ، فيرتّب عليه أحكام الفساد لمخالفته له أو يردّ إلى ذلك العنوان في اقتضاء الفساد فيما يخالفه.
ولا ريب أنّ المخالفة حيثما قيّدت بالعبادة كانت ظاهرة في مخالفة الحكم التكليفي ، وحيثما قيّدت بالمعاملة كانت ظاهرة في مخالفة الحكم الوضعي ، وحيثما اطلقت كانت ظاهرة فيما يعمّ القسمين ، فيراد بها مخالفة ما قرّر في الشريعة من تكليف أو وضع ، فيتعيّن بالقياس إلى كلّ قسم بمعونة الخارج كالصيغة المستعملة في القدر المشترك بين الوجوب والندب كما في قوله : « اغتسل للجنابة والجمعة والزيارة ».
وهذه الروايات إن لم نقل باختصاصها بالقسم الثاني ـ لورودها في الطلاق الّذي هو من قبيل المعاملات نظرا إلى أنّ المورد لا يصلح مخصّصا للعامّ ـ فلا أقلّ من كونها من قبيل القسم الأخير المنصرف في العبادة إلى مخالفة الحكم التكليفي وفي المعاملة إلى مخالفة الحكم الوضعي ، فأقصى ما يستفاد منها أنّ المعاملة إذا وقعت مخالفة لما في الكتاب فيما هو مختصّ به من الحكم الوضعي كانت فاسدة على حسب ما يقتضيه الكتاب وما ورد فيه من العنوان الكلّي.
وهذا كما ترى ليس من المتنازع فيه في شيء ، فإنّ الكلام في مخالفة النهي الّذي هو حكم تكليفي والمخالفة المضافة إلى المعاملة لا تنصرف إليها حتّى يكون المنهيّ عنه من المعاملة محكوما عليه بالفساد عملا بموجب الروايات.
وممّا يفصح عن كون المراد بالمخالفة في المعاملة إنّما هو المخالفة في الحكم