وبالجملة دلالة الروايات على التفصيل المذكور واضحة لا تشتبه على اللبيب المنصف ، وقد فهمه منّا بعض مشايخ بعض الأعاظم على ما حكاه في إشاراته غير أنّه لم يرتضه فأجاب عنه : « بأنّ المتبادر من تلك الروايات كون العصيان في النفي والإثبات بمعنى واحد ، وظاهر أنّه في طرف المولى بمعنى عدم الإذن فيكون في الطرف الآخر كذلك ، فمفاده أنّ العقد ليس ممّا لم يأذن فيه الله بل لم يأذن فيه المولى وهو ليس ممّا يبطل به العقد ، وأمّا قوله عليهالسلام : « إنّ ذلك ليس كإتيانه بما حرّم الله تعالى من نكاح في عدّة وأشباهه » فيستفاد منه أنّ الحرمة في العدّة تكون لعدم قابليّة المحلّ للنكاح وليس هذا هكذا فإنّ النكاح مشروط بإذن المولى سواء كان سابقا أو لاحقا » انتهى.
وهذا كما ترى بظاهره اعتراف بعين ما فهمه شيخه على وفق ما قرّرناه ، فإنّ تعليل صحّة العقد المفروض بكونه ممّا أذن فيه الله نظرا إلى أنّ النفي في النفي يوجب الإثبات يقتضي كون ما لم يأذن فيه الله الّذي منه ما منعه ونهى عنه ملزوما للفساد وإلاّ كان التعليل لغوا فيقبح ، لفرض مساواة العصيان وعدمه في عدم اقتضاء الفساد فيقبح تعليل عدم الفساد بعدم عصيان الله تعالى فكيف يؤخذ جوابا عمّا فهمه.
وحينئذ نحتجّ عليه : بأنّ نهي الشارع عن معاملة من حيث إنّها هذه المعاملة باعتبار تضمّنه لعدم إذنه فيها يقتضي الفساد.
وكأنّه قدسسره أخذ ما ذكره عمّا أفاده بعض الأعلام في دفع الاحتجاج بالرواية بقوله : « إنّه على خلاف المطلوب أدلّ ، فإنّ المراد من المعصية في الرواية لا بدّ أن يكون مجرّد عدم الإذن والرخصة من الشارع وإلاّ فمخالفة السيّد أيضا معصية ، والحاصل أنّه لمّا كان في مثل هذا العقد إذن من الله تعالى من جهة العمومات وغيرها ممّا يدلّ على صحّة الفضولي بعد الإجازة فيصحّ وعدم إذن السيّد غير مضرّ.
وبالجملة المراد أنّ العقد ليس خاليا عن مقتضى الصحّة وإن كان معلّقا على إذن المولى أيضا » انتهى.
ومحصّله : أنّ العصيان الوارد في الرواية ليس عبارة عن مخالفة التكليف الإلزامي من أمر أو نهي كما هو الظاهر المتبادر منه في إطلاقات أهل الشرع ، لئلاّ يتناقض القضيّتان في النفي والإثبات ، لوضوح وحدة المعنى من العصيان مضافا إلى الله تعالى في النفي وإلى