معصية لله عزّ وجلّ كانت فاسدة ، وكلّ معاملة من حيث إنّها معاملة لم تكن معصية لله لم تكن فاسدة وإن صادفت عنوانا آخر هو معصية له وإن استند حرمة ذلك العنوان إلى النهي الوارد فيها.
وعلى طبق هذا التفصيل وردت روايات في نكاح المملوك بغير إذن سيّده :
منها : ما عن الكافي والفقيه عن الباقر عليهالسلام (١) سأله عن مملوك تزوّج بغير إذن سيّده فقال : ذلك إلى سيّده إن شاء أجازه وإن شاء فرّق بينهما ، قلت : أصلحك الله أنّ الحكم بن عتيبة (٢) وإبراهيم النخعي وأصحابهما يقولون : إنّ أصل النكاح فاسد ولا يحلّ إجازة السيّد له ، فقال أبو جعفر عليهالسلام : إنّه لم يعص الله إنّما عصى سيّده فإذا أجازه فهو له جائز.
ومنها : ما عنهما أيضا عنه عليهالسلام (٣) سأله عن الرجل تزوّج عبده بغير إذنه فدخل بها ثمّ اطّلع على ذلك مولاه ، فقال : عليهالسلام ذلك إلى مولاه إن شاء فرّق بينهما وإن شاء أجاز نكاحهما ، فإن فرّق بينهما فللمرأة ما أصدقت إلاّ أن يكون اعتدى فأصدقها صداقا كثيرا ، وإن أجاز نكاحه فهما على نكاحهما الأوّل.
فقلت لأبي جعفر عليهالسلام : فإنّه في أصل النكاح كان عاصيا ، فقال أبو جعفر عليهالسلام : إنّما أتى شيئا حلالا وليس بعاص لله ولرسوله وإنّما عصى سيّده ولم يعص الله ، إنّ ذلك ليس كإتيان ما حرّم الله عزّ وجلّ عليه من نكاح في عدّة وأشباهه.
ومنها : ما عن الكافي أيضا عن الصادق عليهالسلام في مملوك تزوّج بغير إذن مولاه أعاص لله؟ قال : عاص لمولاه ، قلت : حرام هو؟ قال ما أزعم أنّه حرام ، وقل له : أن لا يفعل إلاّ بإذن مولاه (٤).
فإنّ دلالتها على إناطة فساد النكاح من حيث كونه نكاحا بكونه عصيانا لله عزّ وجلّ واضحة لا ينبغي الاسترابة فيها ، ولا سيّما الاولى منها المشتملة على العلّة المنصوصة ، ودونها الثانية خصوصا ما فيها من قوله : « أنّ ذلك ليس كإتيان ما حرّم الله عزّ وجلّ عليه من نكاح في عدّة وأشباهه » القاضي بأنّ النكاح في العدّة وأشباهه على وجه العموم إنّما يفسد باعتبار التحريم في نفس المعاملة لعنوانها الخاصّ من نكاح وغيره لا غير ، فيخرج ما طرأه العصيان باعتبار أمر خارج عن المعاملة ككونها مخالفة للسيّد ومعصية له لا باعتبار كونها نكاحا.
__________________
(١) الكافي ٥ : ٤٧٨ ، ح ٣ ومن لا يحضره الفقيه ٣ : ٥٤١.
(٢) عيينة خ ل.
(٣) الكافي ٥ : ٤٧٨ ، ح ٢.
(٤) الكافي ٥ : ٤٧٨ ، ح ٥.