يوجب إهانة الإسلام أو المصحف » و « لا تبع وقت النداء أو حال التكليف بالمضيّق لأنّه يوجب فوات الجمعة أو فوات الواجب المضيّق » و « لا تبع العنب ليعمل خمرا أو الخشب ليتّخذ صنما لأنّه إعانة على الإثم » لم يكن ملازما للفساد ، لخلوّ دليل الصحّة عن المعارض في اقتضاء السببيّة ، وهذا عند التصريح بما هو مناط النهي كالأمثلة المذكورة ممّا لا إشكال فيه ، وإنّما الإشكال فيما لو ورد النهي مطلقا من غير تعرّض لذكر المناط فهل يجب حمله على القسم الأوّل الملازم للفساد أو القسم الثاني الغير المنافي للصحّة؟
والحقّ أنّ الموارد مختلفة بحسب اختلاف قضايا النهي وعباراته ، فلا بدّ من النظر فيها استعلاما لما هو حقيقة الحال ، وضابطه الكلّي كون النهي ناشئا عن جهة ترجع إلى أصل المعاملة أو الصيغة المعتبرة أو أحد أركانه من المتعاقدين أو العوضين إن كانت من قبيل العقود ، أو من جهة لا ترجع إلاّ إلى عنوان آخر خارج عن حقيقة المعاملة مصادف لها متّحد معها في الوجود وعدمه ، فلو قال : « لا تبع بغير العربيّة ، أو سفيها ، أو مملوكا ، أو ما ليس عندك ، أو ما ليس ملكا لك ، أو ما ليس بمعلوم القدر أو الوصف ، أو ما ليس بمقدور على تسليمه ، أو ما كان نجس العين ، أو مائعا متنجّسا » و « لا تذبح وأنت ذمّي ، أو بغير الحديد » كان من القسم الأوّل.
كما أنّه لو قال : « لا تبع وقت النداء ، أو مكان الخطاب بالمضيّق ، أو العنب ليعمل خمرا ، والخشب ليتّخذ صنما ، أو لا تتكلّم مع الأجنبيّة في البيع ، أو لا تنظر إليها في البيع ، أو مطلقا فيهما » كان من القسم الثاني.
وقد يكون عبارة النهي مجملة مردّدة بين القسمين فيشتبه فيه الحال كما لو قال : « لا تبع المسلم أو المصحف من الكافر » أو « لا تبع امّ ولدك » أو نحو ذلك ، فإنّ هذا النهي على تقدير وروده بهذا اللفظ مردّد بين كونه لجهة راجعة إلى أصل المعاملة أو أحد أركانها أو العناوين الخارجة عنها من إذلال أو إهانة أو إعانة أو نحو ذلك ، غير أنّ المتّجه حينئذ هو الصحّة إلحاقا له بالقسم الثاني في الحكم عملا بظاهر المقتضي لها نوعا في فرض لم يثبت معه ما يعارضه ، إلاّ أن يطرأه الإجمال من إجمال النهي بحيث خرج عن ظهوره النوعي وأوجب كون المورد مجملا مصداقيّا ، فحينئذ لا مناص من إلحاقه بالقسم الأوّل من حيث الحكم عملا بالأصل الأوّلي في المعاملات الّذي أصّلناه في رسالة منفردة.
وما قرّرناه من التفصيل يرجع محصّله إلى أنّ كلّ معاملة لو كانت من حيث إنّها معاملة