وأيضا الظاهر من النهي المتعلّق بالمعاملة هو الأوّل دون الأخيرين سيّما الأخير منهما.
وقد يجتمع في معاملة معنيان منها كما في بيع الصرف من دون قبض في المجلس على القول بوجوب الفسخ ، وبيع الخمر والخنزير على القول بحرمة إيقاع العقد عليهما ، وقد يجتمع الجميع كما في نكاح المحارم.
لكن عند تعدّد المعنى لا بدّ من تعدّد الدليل ، لعدم صلاحيّة الدليل الواحد والنهي المتّحد لإفادة ما يزيد على المعنى الواحد كما لا يخفى.
وهذا التفصيل كما ترى ممّا لا يرجع إلى محصّل إن لم يرجع إلى ما فصّلناه ، فإنّ حرمة إيجاد السبب إن اريد بها حرمته من حيث سببيّته فهي ملزومة للفساد ، لأنّ معنى حرمة إيجاده من حيث سببيّته حرمته من حيث عدم كون ترتيب آثار السببيّة عليه في محلّه وهذا بعينه معنى الفساد ، وكذلك حرمة المسبّب إن اريد بها حرمته من حيث مسبّبيّته فهي ملزومة للفساد ، لأنّ حرمته من هذه الحيثيّة حرمته من حيث إنّ ترتيبه على السبب لم يكن في محلّه وهذا أيضا عين معنى الفساد ، فكيف يقال : بأنّ ما عدا المعنى الأخير لا يستلزم الفساد.
وإن اريد بحرمة كلّ منهما حرمته من حيث مصادفته عنوانا آخر محرّما ثبت حرمته بالخارج أو بذلك النهي فهو إخراج للمورد عن محلّ بحث الأعلام ، فإنّ الكلام في النهي الراجع إلى المعاملة لا إلى أمر خارج عنها مصادف لها.
وبالجملة حرمة إيجاد السبب لا يعقل لها وجه إلاّ من جهة تضمّنه أو استلزامه عنوانا محرّما ، وهذا العنوان إمّا أن يكون هو التصرّف في مال الغير بغير حقّ أو أكل المال بالباطل ، أو يكون غيره من العناوين المحرّمة في الشريعة.
فإن كان الأوّل كان النهي معه مقتضيا للفساد.
وإن كان الثاني كان النهي فيه راجعا إلى أمر خارج عن المعاملة.
ومحصّله يرجع إلى التفصيل الّذي قرّرناه من أنّ النهي إن كان متعرّضا لسببيّة المعاملة كان معارضا لمقتضى السببيّة ودليل الصحّة ومعه يمتنع الصحّة لتقدّم الخاصّ على العامّ ، وإن لم يكن متعرّضا له بكونه ساكتا نفيا وإثباتا كان مقتضى السببيّة ودليل الصحّة سليما عن المعارض ومعه يمتنع الفساد أخذا بظاهر مقتضى السببيّة ودليل الصحّة ، فلو قال : « لا تبع المسلم أو المصحف من الكافر لأنّه يوجب أكل المال بالباطل » كان ملازما للفساد ، ولو قال : « لا تبعهما لأنّه يوجب إذلال المسلم أو إثبات السبيل للكافر على المسلم ، أو