يجري في الأعيان والأفعال ونتائجها من المصنوعات وما عرفت اختلاف في صحيح العبادة لا غير ، مع أنّ العبادة ليس ممّا يتداوله أهل اللغة ولا العرف العامّ من حيث هو ليختلف في تعيين مسمّى صحيحها بحسبهما.
وأمّا الثالث : فلوضوح عدم رجوع كلام الفريقين إلى دعوى ثبوت الحقيقة الشرعيّة في لفظ « الصحيح » مطلقا ولا مضافا إلى العبادة ولم يدّعه أحد ، كيف وليس للشارع الحكيم تصرّف في معنيي « الصحّة » و « الفساد » عمّا بين الوضعيّات بالجعل والاعتبار وإن قلنا به فيما عداهما ، فكيف بتصرّفه في لفظيهما بالوضع والاستعمال.
وأمّا الرابع : فلظهور العبارات الحاكية لهذا الخلاف في كونه خلافا في ابتداء الاصطلاح لا في تعيين مصطلح من سبق ، فيكون اختلافا في جعل الاصطلاح واللازم من جعل الاصطلاح هو النقل واللازم من تعدّده الاشتراك بحسب العرف الخاصّ.
ويشكل : بأنّه ليس اختلافا في لفظ « الصحيح » بل هو اختلاف في صحيح العبادة مع أنّ الأصل عدم النقل وعدم الاشتراك.
ويمكن كون هذا اللفظ المركّب باعتبار المضاف من إطلاق الكلّي على الفرد والمضاف إليه بيان للخصوصيّة الغير المرادة من المضاف ، وكلام الفريقين في تفسير الفرد الخاصّ الّذي أطلق عليه اللفظ باعتبار المعنى العامّ اللغوي العرفي ، فالمتكلّم فسّره بموافقة الأمر والفقيه بإسقاط القضاء ، ومن ذلك ما قد يقال : من أنّ الصحّة والفساد في لسانهم ليسا منقولين عن المعنى اللغوي إلى المعنيين في الصحّة وما يقابلهما في الفساد ، بل إطلاقهما عليهما من باب إطلاق الكلّي على الفرد لأصالة عدم النقل المنحلّة إلى اصول كثيرة.
ويدفعه : عدم كون موافقة الأمر وإسقاط القضاء متّحدين مفهوما ومصداقا ولا أنّهما فردين من السلامة عن العيب.
نعم يمكن أن يقال ـ بالنظر إلى أنّ موافقة الأمر وإسقاط القضاء من اللوازم العقليّة ـ : برجوع كلام الفريقين إلى تعيين حكم العقل ، فزعم المتكلّم أنّه موافقة الأمر والفقيه أنّه إسقاط القضاء.
ويؤيّده أنّ الصحّة والفساد من الأحكام الشرعيّة وليسا من مجعولات الشارع فيكونان من الأحكام العقليّة ، وعلى هذا فالنزاع بينهما معنويّ لا أنّه لفظي حتّى بالمعنى الخامس.
ولكن يزيّفه : أنّ الصحّة بكلّ من معنييها ليست من الأحكام العقليّة المستقلّة المتأصّلة