الموجبين لدخولهما في معقد البحث باعتبار تعدّد العنوان فأهل العرف يفهمون منه بملاحظة خصوصيّة المتعلّق أنّ متعلّق الحكمين هو الأفراد لا الطبائع.
ويضعّف الأوّل : أنّ تعدّد متعلّق المتعلّق بعد فرض كونه متعلّقا في نظر المولى ممّا يوجب تعدّد المتعلّق أيضا بالاعتبار ، وتعدّد المحلّ المصحّح لتعلّق حكمين متضادّين به أعمّ في نظر العقل ممّا يكون ذاتيّا أو جعليّا ناشئا من الاعتبار ، وإلاّ لزم عدم جواز توارد الأمر والنهي على واحد نوعي لجهتين وأنّه خلاف ما اتّفقت عليه كلمتهم كما مرّ.
إلاّ أن يقال : إنّ ما نحن فيه لا يقاس على ذلك نظرا إلى وجود الفارق ، إذ ليس فيه مادّة اجتماع يتصادق عليها العنوانان المأمور به والمنهيّ عنه كالسجود لله والسجود للصنم ، بخلاف ما نحن فيه المفروض فيه نسبة العموم من وجه ، إذ لا كلام لنا في مادّتي الافتراق بل الكلام في مورد الاجتماع وهو أمر واحد شخصي لا تعدّد فيه أصلا لا حقيقة ولا اعتبارا.
والثاني : منع اتّحاد الفعل في المقام الثاني بعد ملاحظة لحوق القيدين به حسبما قرّرناه ، ومنع تعدّده الناشئ من التغاير في المقام الأوّل على تقدير آخر ، إذ لو اريد بتغاير الفعلين ما هو بحسب المفهوم فهو حاصل في المقام الثاني أيضا ، لوضوح أنّ « إكرام العالم » و « إكرام الفاسق » مفهومان متغايران ، وإن اريد به ما هو بحسب المصداق فهو غير حاصل في المقام الأوّل أيضا ، لوضوح أنّ الكون الحاصل في المكان المغصوب كون شخصي يتصادق عليه المفهومان لا أنّه كونان متغايران كما هو الحال في المقام الثاني ، ويتطرّق المنع إلى دعوى صدق العبارة المذكورة فيما لو صلّى في الدار المغصوبة ، بل الّذي يصدق حينئذ هو القول بأنّه أتى بما هو مصداق للصلاة والغصب ، وهذه القضيّة صادقة أيضا فيما لو أكرم العالم الفاسق فيقال : أتى بما هو مصداق لإكرام العالم وإكرام الفاسق.
والثالث : أنّ كون الإكرام المتعلّق بشخص العالم الفاسق وإن كان كما ذكر من أنّه لا يتعدّد بتعدّد إضافاته واعتباراته من جهة أنّه شخص خارجي وجزئي حقيقي فلا يقبل التعدّد وإن تعدّدت إضافاته ، إلاّ أنّه لا داعي إلى صرف الأمر والنهي المفروض تعلّقهما بالماهيّتين الجعليّتين عنهما إلى الشخص الخارجي ليلزم منه محذور اجتماع المتضادّين في محلّ واحد ، فكما يقال : إنّ الآتي بالشخص في المقام الأوّل مطيع وعاص لجهتي الأمر والنهي باعتبار أنّه امتثل الأمر بكلّي الصلاة مثلا وخالف النهي عن كلّي الغصب ، فكذلك الآتي بالشخص في المقام الثاني أيضا مطيع وعاص لجهتي الأمر والنهي