غاية الفرق بينهما أنّهما يثبتان ثمّة بالقياس إلى جميع الأحوال حتّى حالة الصيام والفسق وهنا بالقياس إلى الحالتين فقط فلا يمكن العمل بهما معا.
وقد يؤخذ كلّ منهما قيدا لموضوعه فيصير الإكرام باعتبار لحوق القيدين به معنونا بعنوانين متغايرين ، فحينئذ إن افترقا فلا إشكال كما أنّه لو اجتمعا مع حصول الإتيان به على أنّه العنوان المأمور به وتركه على أنّه العنوان المنهيّ عنه فلا إشكال ، وأمّا لو حصل الإتيان على العنوانين معا كان الكلام فيه نظير ما سبق.
والصورة الرابعة : ما لو تعلّق الأمر والنهي بشيء واحد شخصي لجهتين مختلفتين كما لو قال : « أكرم زيدا لشجاعته » و « لا تكرمه لفسقه » فاتّفق في بعض حالات شجاعته أنّه فسق ، والكلام فيه على حذو ما سبق نعلا بنعل.
والصورة الخامسة : ما لو تعلّق الأمر والنهي بشيء واحد بالنوع لجهة واحدة من ذاتيّ أو عرضي ، ولا خفاء في استحالته لرجوعه بالاخرة إلى الصورة الاولى ، نظرا إلى أنّ الأمر بالماهيّة لا بشرط شيء يعمّ جميع الأفراد على البدل ولو بحكم العقل ، والنهي عنها يستلزم المنع عنها عينا حتّى الفرد الّذي توجّه إليه الأمر تخييرا عقليّا ، فيرجع مفادهما إلى المنع عن فعل كلّ فرد والإذن في فعل أحدها وهو مستحيل.
والصورة السادسة : ما لو تعلّق الأمر والنهي بشيء واحد بالنوع لجهتين لازمتين للماهيّة ، فلا إشكال في استحالته لو اخذت الجهتان علّتين للحكمين ، لاستحالة كون الشيء الواحد ولو بالنوع مصلحة ومفسدة ، كما لا إشكال في جوازه لو اخذتا قيدين حتّى يتعدّد بتعدّدهما العنوان فيمكن الامتثال والخروج عن العهدة بالقصد والنيّة في فعل أو ترك.
والصورة السابعة : ما لو تعلّق الأمر والنهي بواحد نوعي لجهتين غير لازمتين للماهيّة كالسجود الّذي يعرضه كونه لله وللصنم ، فقد نصّ غير واحد من الفريقين بجواز اجتماعهما فيه ، فالأمر من جهة أحد الوصفين والنهي من جهة الوصف الآخر من غير لزوم محذور من اجتماع المتضادّين في محلّ واحد ، ولا تعدّد الخروج عن العهدة لمكان تعدّد الموضوع في الحقيقة ، واستفاض عليه نقل الاتّفاق في كلمة الأصحاب بل لم نقف على ما يخالفه إلاّ ما عن بعض المعتزلة من مصيره إلى المنع في ذلك أيضا ، كما أشار إليه المصنّف وربّما يعلّل بجعله الحسن والقبح من مقتضيات الماهيّة الجنسيّة فالتجأ حينئذ في مثل الأمر بالسجود لله والنهي عنه للصنم إلى صرف الأوّل إلى قصد تعظيمه تعالى والثاني إلى قصد تعظيم