فيه من المفسدة ، غايته كونهما فردين متشاركين في النوع وهو لا يوجب محذورا ، ولا استحالة الخروج عن عهدة التكليف بهما بالفعل والترك ، لكون فعله بقصد الحيثيّة الاولى ما يصدق عليه العنوان المأمور به خاصّة ، كما أنّ تركه بقصد التجنّب عن الحيثيّة الثانية ما يصدق عليه ترك العنوان المنهيّ عنه خاصّة.
فدعوى عدم اتّفاق الفعل إلاّ ويصدق عليه العنوان المنهيّ عنه ولا اتّفاق الترك إلاّ ويصدق عليه ترك العنوان المأمور به ، باطلة مخالفة للذوق والوجدان.
وإلى ذلك ينظر ما في التهذيب والمنية في الخروج عن الدار المغصوبة من أنّه قبيح إن قصد به التصرّف في المغصوب وحسن إن قصد به التخلّص عن الغصب. وحكي مثله عن عدّة الشيخ وعن ذريعة السيّد.
فمن دخل دار غيره على سبيل الغصب فله الخروج بنيّة التخلّص وليس له التصرّف بنيّة الفساد.
نعم لو فعله بقصد الحيثيّتين كان مصداقا للعنوانين ويجري فيه حينئذ مقالتهم في المتنازع فيه حرفا بحرف وقذّا بقذّ ، وإن كان ممّا لا يساعد عليه ظواهر عباراتهم عنوانا وتمثيلا غير أنّ الخطب في ذلك بعد ملاحظة وحدة المناط سهل ، ولا يقاس ذلك على ما تقدّم في الصورة الاولى لكون العنوان فيه واحدا.
الصورة الثالثة : ما لو تعلّق الأمر والنهي بشيء واحد شخصي لجهتين مندرجتين في الأعراض المفارقة كما لو قال : « أكرم زيدا القائم » و « لا تكرم زيدا الفاسق » ومثّل له في الوافية بلطم اليتيم تأديبا وظلما والسجود لله ولغيره مصرّحا بجواز تعلّق الأمر باعتبار أحد الوصفين والنهي باعتبار الوصف الآخر ، فحينئذ يجب إيقاعه على الوصف الأوّل ويحرم إيقاعه موصوفا بالوصف الثاني ، وظاهره خروج ذلك عن المتنازع ، ويشكل بما لو أوقعه موصوفا بالوصفين على ما نبّهنا عليه سابقا من جريان المقالة في أصل المسألة في الفرض ، فإطلاق إخراج تلك الصورة عن المتنازع ليس على ما ينبغي.
والتحقيق أن يقال : إنّ الوصفين قد يؤخذ كلّ منهما علّة للحكم المناسب لها ولازمه تعلّق الحكمين بالذات البحت على حدّ ما هو مفاد قوله : « إن صام زيد فأكرمه » و « إن فسق زيد فلا تكرمه » فاتّفق أنّه فسق صائما فيلزم توارد الحكمين على إكرام زيد لذاته وهو مستحيل كالصورة الاولى.