بالمعنى الّذي
قرّرناه ، فلا محذور ولا سقوط ولا وجوب للجميع.
حجّة
القول بوجوب واحد معيّن وجوه :
الأوّل
: أنّه لا شكّ في
أنّ المكلّف إذا أتى بمجموع الخصال الثلاث كان ممتثلا للفعل الواجب ، وحينئذ فهذا
الامتثال لا يخلو من أن يكون بالكلّ من حيث هو كلّ ، أو بكلّ واحد واحد ، أو بواحد
غير معيّن أو بواحد معيّن ، لا سبيل إلى الأوّل وإلاّ كان الكلّ واجبا إذ لا معنى
للواجب إلاّ ما حصل الامتثال به وهو باطل اتّفاقا ، ولا إلى الثاني وإلاّ اجتمع
المؤثّرات وهي الإعتاق والاطعام والصيام على أثر واحد وهو الامتثال وهو محال ،
وإلاّ لزم احتياج الامتثال إلى كلّ واحد من هذه الثلاث مع استغنائه عن كلّ واحد
منها ، ولا إلى الثالث إذ غير المعيّن غير موجود إذ لو كان موجودا كان معيّنا ،
وغير الموجود لا يحصل به الامتثال فتعيّن الرابع وهو المطلوب.
الثاني
: أنّ الوجوب أمر
معيّن فلا بدّ وأن يكون متعلّقه أيضا معيّنا ، لأنّ المعيّن يستدعي المعيّن ، وذلك
المعيّن لا يجوز أن يكون هو الكلّ من حيث هو كلّ وإلاّ كان الكلّ واجبا ، ولا كلّ
واحد واحد وإلاّ اجتمع المؤثّرات على أثر واحد ، ولا واحد غير معيّن لأنّه غير
موجود ، فتعيّن كونه واحدا معيّنا وهو المطلوب.
الثالث
: أنّ الثواب على
الواجب المخيّر إمّا أن يكون بفعل المجموع أو بفعل كلّ واحد أو بفعل واحد غير
معيّن أو بفعل واحد معيّن والكلّ باطل إلاّ الأخير لما عرفت ، فثبت المطلوب.
وأيضا العقاب
الحاصل عن ترك الواجب المخيّر إمّا أن يكون بترك الكلّ أو بترك كلّ واحد أو بترك
واحد غير معيّن أو بترك واحد معيّن ، وكلّ من الثلاث الاول باطل لما ذكر ، فتعيّن
الرابع وهو المطلوب.
والجواب عن الأوّل
: بأنّ الامتثال يحصل بفعل واحد ملحوظ معه الخصوصيّة تلغى عنه جهة التعيين وهو
موجود ، والّذي لا يوجد هو الواحد مع اعتبار عدم التعيين ، ولا ملازمة بينه وبين
عدم اعتبار التعيين.
وقد يجاب أيضا :
باختيار الشقّ الثاني ، ودفع المحذور بكون الامور الشرعيّة معرّفات للآثار ولا علل
حقيقيّة حتّى يمتنع اجتماع عدّة منها على معلول واحد.
وفيه نظر يظهر
وجهه ممّا سيأتي في ذكر ملحقات المسألة إن شاء الله.