من هذا القبيل في كلماتهم.
ومنها : أنّ ما خصّصه به يجعل المنع غير متصوّر فإنّ انتفاء شرط الوجود إذا لم يكن شرط الوجوب ممّا لا يتصوّر وجه لمنع التكليف منه.
ولا يخفى ما في الجميع من ورودها على خلاف التحقيق.
أمّا الأوّل : فلأنّ كون الامور المذكورة من شروط التكليف عند الفريقين أوّل الدعوى ، بل المسلّم عندهما كونها من شروط الوجود.
وأمّا كونها من شروط التكليف أيضا فيرجع كلام المجوّزين ـ على ما عرفته ـ إلى إنكاره ولقد سبق عن الحاجبي ما هو صريح في ذلك ، ومع هذا كيف يقال : إنّها من شروط التكليف من غير نكير.
وأمّا الثاني : فلأنّ الأشاعرة بعد وضوح مرامهم وظهور كلامهم هنا في نفي الشرطيّة الوجوبيّة فكيف يسند إليهم تجويز التناقض واجتماع النقيضين الّذي يلزم من القول بالجواز مع تسليم الشرطيّة للوجوب.
وأمّا الثالث : فلأنّ المنع يتصوّر في صورة كون شرط الوجود غير مقدور للمكلّف مع توهّم كون مراد المجوّزين من ما قصد به أداء الفعل المشروط ، كما يشهد به الأمثلة المذكورة ، فإنّ الكلّ من هذا الباب فإنكار تصوّر المنع لا يخلو عن غرابة.
ثمّ إنّه على ما رجّحناه من كون النزاع في شرط الوجود فهل يعمّ ذلك لما يكون منه مقدورا أو يختصّ بما هو غير مقدور؟
والّذي يستفاد من أدلّة المانعين هو الثاني كما ستعرفه ، وكلام المجوّزين ظاهر بل صريح في الأوّل ، وممّا يرشد إليه احتجاجهم بأنّه لو لم يصحّ لما عصى أحد من المكلّفين لأنّ كلّ ما لم يحصل فإنّما هو من جهة انتفاء شرط من شروطه وأقلّها الإرادة الّتي هي من شروط الوقوع اتّفاقا.
ولا ريب أنّ الإرادة من الامور المقدورة للمكلّف.
فإن قلت : لا شهادة في ذلك بما ادّعيته من جهة أنّ المجوّز من الأشاعرة الّذين يقولون بالجبر في أفعال العباد ، ومن لوازم هذا المذهب كون الإرادة الّتي هي من شروط الوجود هي إرادة الله تعالى وهي كما ترى غير مقدورة للمكلّف.
قلنا : قد عمّموا الإرادة في تقرير الاستدلال بالقياس إلى إرادته تعالى وإرادة الخلق ليستقيم