للوجوب ، وكون الواجب بالنسبة إلى ما كان مقدورا من شرائط الوجود فقط مطلقا كاف في إزاحة ما ذكر من المحذور ، فلا يكون النزاع راجعا إلى وجود الواجب المطلق وعدمه بقول مطلق ، بل يرجع إليه في خصوص ما قيّد وجوده به عقلا من الشروط الغير المقدورة.
بل لنا أن نقول : إنّ النزاع لو كان فيما يعمّ المقدور أيضا لا يلزم المحذور على شيء من المذهبين.
أمّا على مذهب المجوّزين فواضح.
وأمّا على مذهب المانعين فلكفاية بنائهم على إطلاق الأمر بالنسبة إلى الشروط الشرعيّة ، فلا يرجع النزاع إلى ما ذكر أيضا على إطلاقه.
وتحقيق المقام : أنّ النزاع إنّما هو في شرط الوجود فقط لما هو المصرّح به في كلام غير واحد من أهل القول بالجواز عنوانا ودليلا.
وإن شئت فانظر إلى عبارة الحاجبي في أصل العنوان حيث قال : « يصحّ التكليف بما علم الآمر انتفاء شرط وقوعه عند وقته ».
وأصرح منه ما نقله في دفع نقض المعتزلة بلزوم عدم كون الإمكان شرطا في التكليف من قوله : « واجيب : بأنّ الإمكان المشروط أن يكون ممّا يتأتّى فعله عادة عند وقته واستجماع شرائطه والإمكان الّذي هو شرط الوقوع محلّ النزاع ».
وقد وافقنا على ما ادّعيناه هنا الباغنوي على ما في محكيّ بعض الأعاظم (١) عنه من تخصيصه الشرط هنا بشرط الوجود الّذي لم يكن شرطا للوجوب ، معلّلا : « بأنّ عند انتفاء شرط الوجوب أو علم الآمر بانتفاء شرط الوجوب لا يتحقّق التكليف ، إذ لا يتصوّر التكليف بدون شرط الوجوب » وهو كما ترى في غاية المتانة فإنّ معنى كونه شرطا للوجوب أنّ الوجوب منتف بدونه ومعه كيف يعقل القول بجواز التكليف ، وهل هو إلاّ القول بجواز التناقض في كلام الحكيم ، بل القول بجواز اجتماع النقيضين؟ غير أنّه أورد عليه بعض الأعاظم (٢) بوجوه :
منها : أنّ كلماتهم فرعا ودليلا في بيان الشروط مشحونة بذكر الطهارة من الحيض والحياة والقدرة والعقل ونحوها من شرائط التكليف من غير نكير.
ومنها : أنّ غاية ما يلزم من ذلك بطلان التجويز ولا ينافيه ، فإنّ القائل به الأشاعرة وكم
__________________
(١ و ٢) إشارات الاصول : ٨٦.