وشرط أصحابنا في جوازه مع انتفاء الشرط ، كون الآمر جاهلا بالانتفاء ، كأن يأمر السيّد عبده بالفعل في غد ، مثلا ، ويتّفق موته قبله. فانّ الأمر هنا جائز ؛ باعتبار عدم العلم بانتفاء الشرط ، ويكون مشروطا ببقاء العبد إلى الوقت المعيّن* (١). وأمّا مع علم الآمر ، كأمر الله تعالى زيدا بصوم غد ، وهو يعلم موته فيه ، فليس بجائز. وهو الحقّ** (٢).
___________________________________
وأمّا الصورة الاولى فالجواز فيها منسوب إلى بعض متأخّري المخالفين كما في عبارة المصنّف ، مع نقل الاتّفاق عن كثير منهم على المنع ، وكان سنده خلوّ التكليف حينئذ عن الفائدة بالمرّة ، كما يستفاد من عبارة الحاجبي وغيره في دفع اعتراض المعتزلة عليهم بأنّه : لو صحّ التكليف بما علم الآمر انتفاء شرط وقوعه لصحّ بما علم المأمور أيضا ، بجامع كون كلّ واحد منهما معلوما عدم حصوله. ومحصّل الدفع : الفرق بين المقيس والمقيس عليه ، فإنّ محلّ الوفاق إنّما لا يصحّ التكليف به من جهة انتفاء فائدة التكليف ، لأنّ فائدته إمّا الامتثال أو العزم عليه ، واذا علم المأمور امتناع الفعل يمتنع منه الامتثال ولم يعزم على الفعل أيضا فلا يطيع ولا يعصي ، بخلاف محلّ النزاع فإنّه إذا لم يعلم المأمور امتناع الفعل قد يطيع بالعزم والمباشرة وقد يعصي بالترك والكراهة.
وأمّا الصورة الثانية كالصورة الرابعة فادّعى كثير منهم الاتّفاق على الجواز فيها ، وفي المنية نفي الخلاف عنه في غير العالم بفوات الشرط ، وإطلاق العبارة يشمل الصورتين معا.
وإلى ذلك يشير المصنّف في قوله : « وشرط أصحابنا في جوازه مع انتفاء الشرط كون الآمر جاهلا بالانتفاء ، كأن يأمر السيّد عبده بالفعل في غد ويتّفق موته قبله ».
(١) * وفي كونه مشروطا يكفي كون عامّة التكاليف مشروطة بالتمكّن من الامتثال فعلا الثابت بحكم العقل وجريان سيرة العقلاء في نوع التكاليف الصادرة عنهم ، ولا حاجة له إلى قصد الاشتراط في خصوص المورد ليتوجّه : أنّ السيّد في الفرض المذكور كثيرا مّا يأمر وهو غير ملتفت إلى احتمال الموت فضلا عن قصده الاشتراط واعتباره التعليق ، فلذا ترى أنّ الأمر لا يصدر منه غالبا إلاّ مطلقا.
(٢) ** وربّما يستفاد من كثير من العبائر كعبارة المصنّف فيما تقدّم دعوى اتّفاق أصحابنا عليه وعزاه السيّد في المنية إلى المعتزلة كافّة ، وفي كون مبنى الخلاف على دعوى كون