وربّما تعدّى بعض متأخرّيهم ، فأجازه ، وإن علم المأمور أيضا ، مع نقل كثير منهم الاتّفاق على منعه.
___________________________________
الاشتغال ، فيلزم أن لا يجب عليه الإتمام وهو باطل بالإجماع ، إلاّ أن يراد به انقطاعه على سبيل المراعى فيعود النزاع لفظيّا كما لا يخفى.
وأمّا ما تقدّم من الاعتراض عن الحاجبي فإن أراد بتعلّق التكليف لنفسه كونه بالقياس إلى الفعل المكلّف به من الصفات النفسيّة ـ كما هو قضيّة قوله بلزوم عدم انقطاعه بعد الفعل أيضا ـ فهو ليس بلازم من مذهب الشيخ ، لثبوت مطلوبه بفرض كونه من الصفات العرضيّة لبداهة انقطاع الأمر العرضي كائنا ما كان بزوال علّة عروضه ، وإن اريد به كونه نفسيّا في مقابلة التكليف الغيري فالملازمة بيّنة المنع ، فإنّ نفسيّة التكليف لا تمنع عن انقطاعه بتأتّي الغاية المطلوبة منه ولا تكون إلاّ الامتثال وأداء المكلّف به في الخارج.
وأمّا لزوم عدم صحّة الابتلاء على تقدير كون المراد بقاء تنجّز التكليف فلا يرجع إلى محصّل ، إذ لو أراد أنّ بقاء تنجّز التكليف لا بدّ وأن يكون لغرض الابتلاء كما يظهر من قوله :
« فينتفي فائدة التكليف » فهو متّضح الفساد ، وإن أراد أنّ التكليف إذا لم ينقطع حال حدوث نفس الفعل ففي حال حدوث مقدّماته حيثما يراد به مجرّد الابتلاء أولى بعدم الانقطاع ، فلا يبقى للتكليف الابتلائي مورد فينتفي فائدة التكليف حيث لم يكن المكلّف به مشتملا على المصلحة.
ففيه : أنّ الفعل في مورد الابتلاء لم يتعلّق به تكليف بعنوان الحقيقة حتّى ينظر في أنّه هل ينقطع حال حدوثه أو حدوث مقدّماته أو لا ينقطع ، لما تقدّم من أنّ الابتلاء في موارده إبراز لصورة التكليف بالصيغة الدالّة عليه بالوضع لا أنّه تكليف حقيقة.
(١) * وتوضيح هذا المقال ليتّضح به الأقوال : أنّ الآمر والمأمور إمّا عالمان بانتفاء الشرط أو جاهلان به ، أو الآمر عالم دون المأمور ، أو المأمور عالم دون الآمر.
والمصرّح به من موضع النزاع في كلام غير واحد إنّما هو الصورة الثالثة ، فالقول بالجواز فيها منسوب إلى كثير من العامّة كما في كلام بعض الأعاظم ، أو أكثر المخالفين كما في عبارة المصنّف ، أو أكثر الاصوليّين كما في بيان المختصر ، أو القاضي أبي بكر والغزالي وأكثر الاصوليّين كما في المنية.