بعينه لامتنع التخيير والتالي باطل ، ضرورة تحقّق التخيير فيلزم بطلان المقدّم.
فأمّا (١) الملازمة : أنّ التخيير لو كان موجبا لوجوب واحد بعينه لكان موجبا لنقيضه ، فإنّ التخيير ينافي التعيين لأنّ التخيير يجوّز ترك المعيّن والتعيين لا يجوّزه ، وكلّ ما كان موجبا لنقيضه كان ممتنعا والكلام فيه كسابقه.
فإن اريد بالواحد مصداقه الملحوظ فيه الخصوصيّة مع إلغاء جهة التعيين عنه الّذي هو مفاد التخيير فهو في كمال المتانة ، وإلاّ كان متّضح المنع.
وثالثها : ما نقله بعض الأفاضل من أنّ الإنسان لو عقد على قفيز من صبرة لم يكن المبيع قفيزا معيّنا وكان الخيار للبائع في التعيين ، فالواجب هناك غير معيّن والتعيين فيه باختيار المكلّف ، وكذا الحال في غيره من الواجبات التخييريّة من غير تفاوت أصلا.
وهذا الوجه لو تمّ لقضى بتعلّق الوجوب بالمفهوم المنتزع الّذي هو كلّي بدلي ، ضرورة أنّ الخصوصيّة في بيع الصبرة غير ملحوظة على جهة التفصيل ، بل الّذي يتعلّق به ملك المشتري هو الكلّي بما هو كلّي ، فهو الّذي يجب على البائع أداؤه عملا بمقتضى وجوب الوفاء.
ولكن يدفعه ـ مع أنّه قياس ـ وضوح الفرق بين المقامين ، فإنّ الخصوصيّات ثمّة لا امتياز بينها أصلا ، ولذا لا يعقل ملاحظة كلّ بالخصوص عند الإنشاء بخلاف المقام ، لامتياز كلّ خصوصيّة بذاتها عن خصوصيّة اخرى ، ولذا ترى أنّ الآمر عند الإنشاء لا يزال يلاحظها على جهة التفصيل ، وإن كان يأتي في العبارة بلفظة « الواحد » و « الأحد ».
فإن اريد بالاحتجاج أنّ الحكم وضعا وتكليفا كما يتعلّق في بيع القفيز من الصبرة بالكلّي المعرّى عن ملاحظة الخصوصيّات فكذلك يتعلّق في محلّ البحث بالكلّي المعرّى فهو واضح الفساد ، لقيام الفرق بين المقيس والمقيس عليه.
وإن اريد به أنّه إذا صحّ تعلّق الحكم بواحد لم يلاحظ معه خصوصيّة أصلا فتعلّقه بواحد لوحظ معه الخصوصيّة واعتبرت في تعلّقه به بطريق أولى ، فله وجه كما لا يخفى.
ورابعها : لو فعل الكلّ جميعا كان الواجب واحدا منها بالإجماع ، فكذا يجب أن يكون الواجب أحدها قبل الفعل ، إذ لا يختلف الحال في ذلك قبل إيجاد الفعل وبعده.
وفيه : إن اريد بالواحد المصداق الّذي لوحظ معه الخصوصيّة ولها مدخل فيه فهو جيّد وإلاّ كان الإجماع ممنوعا ، فإنّ المعتزلة لا يقولون به بل يعتبرون الخصوصيّة في متعلّق
__________________
(١) وفي الأصل : « فإنّ الملازمة ... الخ » والصواب ما أثبتناه في المتن.