به ، لأنّها من الحروف الجارّة الّتي تحتاج إلى المتعلّق وليس في الكلام المذكور قطعا.
ونقل عن جماعة من الأصحاب كالمحقّق الثاني والسيوري وخاله المجلسي القول بكونها مجملة في الدلالة على أحد الأمرين لاستعمالها فيهما معا » انتهى.
والظاهر أنّه أراد من انتهاء الكميّة انتهاء نفس المسافة مكانا أو زمانا بمعنى الامتداد الخطّي والامتداد الزماني ، لكونهما من مقولة الكمّ المتّصل القارّ بالذات كالأوّل أو الغير القارّ بالذات كالثاني ، ومن انتهاء الكيفيّة انتهاء الفعل المتعلّق بهما بنحو من أنحاء التعلّق كالسير في الأرض والصوم في النهار ، فإنّه لتعلّقه بأحدهما كيفيّة عارضة له ، فيكون الخلاف في أنّ كلمة « إلى » الدالّة على الانتهاء الملازم للآخريّة هل هي ظاهرة في الجزء الأخير من الفعل الواقع في المسافة أو لا ظهور لها فيه؟ بل غايتها الدلالة على أصل الانتهاء المردّد بين الجزء الأخير من الفعل والجزء الأخير من المسافة.
ويظهر ثمرة الخلاف في قوله تعالى : ( فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ )(١) من حيث ظهورها في وجوب الابتداء في الغسل من الأصابع والانتهاء إلى المرفقين وعدمه ، فعلى قول الجماعة بإجمال الدلالة كان مفادها مردّدا بين انتهاء الغسل وانتهاء المغسول ، فقد ترى بعضهم في باب الوضوء أنّه يجعل « إلى المرافق » لانتهاء المغسول لينطبق الآية على مذهب أصحابنا الإماميّة من وجوب الابتداء من المرافق ، ومن يجعلها ظاهرة في انتهاء الفعل يحملها في الآية عليه من باب التأويل ، نظرا إلى الإجماعات المنقولة والوضوءات البيانيّة وغيرها.
وفي بعض النصوص المعتبرة أنّه ليس تأويلها هكذا بل : « من المرافق » فينهض ذلك شاهدا بصدق ما ادّعاه السيّد في المفاتيح من ظهورها في انتهاء الكيفيّة ، أعني الفعل لا نفس المسافة فقط.
وهذا هو الحقّ الّذي لا محيص عنه ، لما بيّنّاه في المسألة السابقة من تبادر تحديد الفعل المغيّا في أوّله وآخره من الكلام المشتمل على حرفي الابتداء والانتهاء ، فيقصد من حرف الانتهاء بيان آخر الفعل وهو الجزء الأخير منه المقارن لمدخول الحرف إن كان من جنس ما قبله ، أو لما قبل مدخولها إن غاير ما قبله في الجنس.
والسرّ في ذلك : ما ذكرناه سابقا من كون « إلى » باعتبار الوضع العامّ وضعا للنسبة بين
__________________
(١) المائدة : ٦.