الاشتراك والحقيقة والمجاز مع عدم التمييز بينهما.
وأمّا الثاني : فلجواز الاشتراك بين الوجود والعدم إن اريد به ما يعمّ العدم والملكة كما في « القرء » مع أنّ الدخول والخروج أمران وجوديّان فلا مانع من الجواز كما في « الجون » مع أنّ التردّد بين النفي والاثبات قبل استماع الكلام الخبري الحاصل لكلّ أحد غير التردّد بين المعنى المراد من اللفظ المفرد قبل إطلاقه ، فإنّ الثاني غير معقول لأنّه عبارة عن تردّد السامع فيما أراده المتكلّم من اللفظ أهو الأمر الوجودي أو الأمر العدمي من معنيي المشترك؟ فكيف يعقل قبل إطلاقه ، مع أنّ فائدة الوضع الاشتراكي تحصل عند وجود القرينة المعيّنة للمراد كما في سائر صور الاشتراك ، إذ ليس الغرض من الوضع الاشتراكي أن يحصل الدلالة على المعنى المراد بعينه مطلقا ولو مع التجرّد عن القرينة.
ثمّ إنّ الظهور اللفظي في الدخول ـ حسبما رجّحناه ـ لا ينافيه غلبة عدم الدخول باعتبار القرينة إن سلّمناها ، كما ادّعاها ابن هشام في كلمة « إلى » حيث فرّق في المغني بينها وبين « حتّى » : بأنّ « حتّى » إذا لم تكن معها قرينة تقتضي دخول ما بعدها أو عدم دخوله حمل على الدخول ، ويحكم في مثل ذلك لما بعد « إلى » بعدم الدخول حملا على الغالب في البابين.
قال : هذا هو الصحيح في البابين.
وفيه : أنّ غلبة استعمال لفظ مع القرينة في معنى مجازي لا تزاحم ظهوره في المعنى الحقيقي مع عدمها كما حقّق في محلّه ، فلا وجه لحمل « إلى » على عدم الدخول مع عدم القرينة على الدخول ، فالفرق تحكّم.
ويؤكّد ما ذكرناه الغلبة المدّعاة في « حتّى » في جانب الدخول ، بل قد ينفى الخلاف فيها عن الدخول كما عن الشيخ شهاب الدين القرافي النحويّ على ما نقله عنه في المغني قائلا : إنّه زعم أنّه لا خلاف في وجوب دخول ما بعد « حتّى » وإن ردّه فيه بقوله : « وليس كما ذكر بل الخلاف فيها مشهور ، وإنّما الاتّفاق في « حتّى » العاطفة لا الخافضة والفرق أنّ العاطفة بمنزلة الواو ».
ثالثها : قال في مفاتيح الاصول ـ بعد ما صرّح بكون « إلى » حقيقة في الانتهاء ـ : « بأنّ الأصل دلالتها على انتهاء الكيفيّة ، تمسّكا بتبادره منها عند الإطلاق وغلبة استعمالها فيه الموجبة للظنّ بلحوق المشكوك فيه ، وأنّها لو كانت لانتهاء الكميّة لوجب اضمار ما يتعلّق