وعلى هذا فيكون دخول « المرفق » في آية الوضوء مبنيّا على الأصل اللفظي لا باعتبار الأصل الاعتباري من جهة المقدّميّة.
وقضيّة ذلك هو الالتزام بالدخول في مثل : « قرأت القرآن إلى آية كذا أو إلى سورة » كذا عملا بظاهر اللفظ إلاّ إذا قام قرينة معتبرة على الخروج.
ويندفع بما ذكرناه من الأصل اللفظي التمسّك لعدم الدخول بأصالة عدمه ، وإن قرّر : بأنّ اللفظ لا يدلّ على الدخول والأصل عدم إرادة المتكلّم ذلك.
وأضعف منه ما اعتمد عليه ابن هشام في المغني من أنّ الأكثر مع القرينة عدمه فيجب الحمل عليه عند التردّد.
وما استند إليه بعض الأعاظم (١) من حسن الاستفهام وعدم فهم الدخول في مدلولها.
وأضعف من الجميع دعوى كون المتبادر من اللفظ عدم الدخول.
ولا يذهب عليك أنّ ما اخترناه ليس تفصيلا في المسألة ، لأنّ التجوّز لقرينة لا ينافي الحقيقة في غير المعنى المجازي.
ولعلّه إليه يرجع القول الثالث والرابع فلا مخالفة بينهما ، ولا بين كلّ منهما والقول بالدخول مطلقا ، إذ لا يظنّ بقائله إرادة الدخول مطلقا حتّى مع قرينة عدم الدخول.
نعم ما استدلّ للثالث والرابع بالنسبة إلى الدخول بأنّ عدم التمايز باتّحاد الجنس أو عدم مفصّل محسوس يقتضي الدخول وإلاّ لزم التحكّم ، وبالنسبة إلى الخروج بما تقدّم للقائلين به مطلقا ، واضح الضعف في شقّه الأوّل.
ونحوه ما للخامس من مثل ما ذكر ، ولم ينقل للسادس ما يعتدّ به ، وللسابع الاستعمال فيهما من غير تردّد وظهر جوابه بما بيّنّاه.
وعن الفخري توهّم كون التوقّف مبنيّا على توهّم الاشتراك فنفاه بامتناع الاشتراك بين وجود الشيء وعدمه في حكمة الحكيم تعليلا ، بعراء الكلام حين التردّد بين الوجود والعدم عن الفائدة ، نظرا إلى أنّ التردّد بين النفي والإثبات حاصل لكلّ أحد قبل إطلاق اللفظ.
وفيه : منع كلّ من الابتناء وفساد المبنى.
أمّا الأوّل : فلأنّ الاشتراك يوجب التوقّف عن الحمل في المسألة الفرعيّة لا عن اختيار القول به في المسألة الاصوليّة ، ولأنّ الاستعمال فيهما الّذي هو مستند التوقّف أعمّ من
__________________
(١) إشارات الاصول : ٢٤٢.