سؤره ويشرب » أو بقولك : « كلّ حيوان غير مأكول اللحم لا يتوضّأ من سؤره ويشرب » من غير فرق بين ما لو أخذ السور آلة لإدراك حال الحكم من حيث تسريته إلى جميع أفراد الموضوع المقيّد بالوصف ، بأن يكون المتكلّم قد تصوّر جواز الاستعمال من سؤر الطبيعة الحيوانيّة المقيّدة بكونها مأكول اللحم واعتبر الإسناد والحكم بينهما ثمّ ادخل عليهما السور لتسرية الحكم إلى جميع أفراد تلك الطبيعة ، كما في قولك : « كلّ إنسان كاتب » حيث إنّك تتصوّر كتابة طبيعة الإنسان وتعتبر الإسناد والحكم بينهما ، ثمّ تعتبر السور ليكون آلة لإدراك ذلك الحكم من حيث تسريته إلى جميع أفراد تلك الطبيعة.
أو موضوعا لنفس الحكم ومتعلّقا له ، بأن يكون المتكلّم تصوّر جواز استعمال السؤر من كلّ فرد فرد من تلك الطبيعة ثمّ اعتبر الإسناد والحكم بينهما.
فإن قلت : كيف تنكر الفرق بين النوعين ، مع أنّ اللازم على الأوّل كون النفي في جانب المفهوم من باب عموم السلب لعدم وروده إلاّ على الطبيعة المقيّدة بخلاف الوصف ، والسور معتبر معها لتسرية ذلك الحكم إلى أفراد تلك الطبيعة ، وعلى الثاني من باب سلب العموم ، لوروده على السور المعتبر مع الأفراد موضوعا.
قلنا : هذا الفرق عندنا غير مسلّم من أصله ، بل لفظة « الكلّ » في جميع صور وقوعها موضوعة لإدراك حال الحكم من حيث تسريته إلى جميع أفراد موضوعه وكذا سائر ألفاظ العموم ، ولذا عرف العامّ : بلفظ وضع للدلالة على استغراق جزئيّاته كما سيأتي في محلّه ، أي على استغراق الحكم لجزئيّات موضوعه من غير فرق في ذلك بين كون الحكم إيجابيّا أو سلبيّا ، ولا بين ورودها على النفي أو ورود النفي عليها.
ولئن سلّمناه فإنّما نسلّمه في القضايا الملفوظة كما في : « كلّ إنسان لم يقم » أو « لم يقم كلّ إنسان » حيث إنّ المتكلّم قد يلاحظ عدم القيام لطبيعة الإنسان ويعتبر الإسناد بينهما ثمّ يدخل عليها السور لتسرية ذلك الحكم المنفيّ إلى أفراد تلك الطبيعة ، وقد يلاحظ القيام لجميع أفراد طبيعة الإنسان ثمّ يحكم عليها بالسلب بإدخال أداته لسلب ذلك العموم.
وقد عرفت أنّ محلّ البحث ليس إلاّ من القضايا المعقولة الصرفة ، ولم يتلفّظ فيها بسور ولا أداة سلب ، بل السلب إنّما جاء هنا من جهة قصد انتفاء الحكم الثابت في المنطوق عن غير محلّ الوصف ، وهو ممّا يقتضي العموم بحسب المعنى ، سواء فرضت الحكم في المنطوق ثابتا للطبيعة المقيّدة بالوصف مع دخول السور عليها من باب المرآتيّة ،