كقوله : من بال فليتوضّأ ، ومن جامع فليغسل » (١).
وأمّا إذا اختلفت في الكليّة والجزئيّة والقلّة والكثرة كما لو قال : « من أفطر في نهار رمضان فليطعم ستّين مسكينا » و « من أفطر في قضائه فليطعم عشرة مساكين » ومثله قوله عليهالسلام : « من وطئ في أوّل الحيض فليتصدّق بدينار ، ومن وطئ في وسطه فليتصدّق بنصف دينار ، ومن وطئ في آخره فليتصدّق بربع دينار » فوطئ في الأزمنة الثلاث فهل يتداخل المسبّبات حينئذ أم لا؟
قضيّة ما قرّرناه من ظهور السببيّة في التعدّد عدم التداخل أيضا إلاّ ما قام الدليل بخلافه (٢) كما أنّ مقتضى استناد هؤلاء إلى الاصول التداخل أيضا ، بل هو مقتضى تمسّكهم بأنّ تعدد الأسباب لا تفيد إلاّ تعدّد التكاليف ، وأمّا ما تمسّكوا به من أنّ التداخل من مقتضى وحدة المسبّب فهو غير جار هنا ، لأنّ المفروض تعدّد المسبّب من حيث الكلّية والجزئيّة والزيادة والنقصان.
وقال في العوائد ـ بعد ما قرّر العنوان كما قرّرناه ـ : « يحتمل الأمران ، والأظهر من ملاحظة فهم العرف هنا عدم التداخل » (٣).
ويرد عليه أنّ العبرة لو كانت بالأظهريّة العرفيّة فلا يتفاوت الحال بين المقام وما تقدّم لوحدة الطريق كما عرفت مستوفى.
وعن جملة من الأساطين كالعلاّمة والمحقّق ونظرائهما التفصيل بين تكرّر الوطء في أوّل الحيض أو وسطه أو آخره حيث حكموا فيه بعدم تكرّر الكفّارة وبين تكرّره في الاوقات الثلاث فحكموا بتكرّر الكفّارة ، وفيه ما فيه (٤).
__________________
(١) عوائد الأيّام : ١٠٧.
(٢) قال في رسالته المعمولة تداخل الأسباب والمسبّبات عقيب تلك العبارة : « وقد أشبعنا الكلام فيما يعمّ نحو المقام في منزوحات البئر من كتاب ينابيع الأحكام حيث رجّحنا ثمّة عدم تداخل مقدّرات النجاسات الواقعة في البئر عند تعدّد وقوعاتها مطلقا اعتمادا على ما قرّرناه ثمّة من أنّ مقتضى دليل كلّ نوع سببيّة وقوعه لاشتغال الذمّة بنزح المقدّر فتعدّد السبب يقضي بتعدّد الاشتغال وهو يقضي بتعدّد الامتثال ».
(٣) عوائد الأيّام : ١٠٧.
(٤) ولعلّ وجهه حسبما راموه أنّ اختلاف المسبّبات في الزيادة والنقيصة كاختلافها بالنوع يوجب في متفاهم العرف اختصاص كلّ سبب بمسبّبه وتأثير فيه بالاستقلال ، ومرجعه إلى أنّه ينهض صارفا للأسباب المجتمعة عن احتمال اجتماعها على مسبّب واحد كما هو العمدة من أدلّتهم على أصالة التداخل في غير هذه الصورة بناء منهم على كون الأسباب الشرعيّة من قبيل المعرّفات [ نقلناه عن الرسالة للمصنّف رحمهالله ].