وإن كانت قد ترد في مقام رفع المنع أيضا ، كما أنّ الجواز والإجزاء يغلب ورودهما في الآثار ـ على ما يفصح عنه التتبّع ـ في مقام رفع توهّم المنع ، فلا يبقى إلاّ مفهوم اللقب الّذي قد عرفت حاله.
وأمّا الحقوق الواردة في حديث زرارة فالمراد بها بقرينة السياق والذيل على ما في التهذيب ليس إلاّ الأغسال ، فحينئذ لا يتفاوت المعنى لو قال : « حقّ واحد » مكان قوله : « غسل واحد » مع أنّ خطابات الشرع إنّما ترد على حسب مصالح المخاطبين وحوائجهم لا على حسب الاعتبارات والامور الراجعة إلى الاستحسانات فلعلّ حاجة المخاطبين اقتضت الاقتصار بما ذكر ، ومعه كيف ينفي الحكم عن غيره إلاّ على اعتبار مفهوم اللقب ، وفيه : ما فيه.
والاحتياج إلى التذكّر عامّ بالنسبة إلى تبيّن الخلاف وتوهّمه ، ولعلّ المخاطب كان في موضع توهّم المنع عن التداخل في خصوص المورد لمّا رأى في الأغسال المجتمعة من الاختلاف في الأحكام واللوازم مضافا إلى الاختلاف بينها جنسا من جهة الوجوب والندب ، فاعطاء الحكم له في رفع هذا التوهّم لا يقضي بأنّ غير المورد على خلافه في ذلك الحكم كما هو المقصود بالاستشهاد.
وبالجملة العمدة في المقام ما قرّرناه من الدليل على أصالة عدم التداخل ، وأمّا غيره فأكثره ممّا لا ينهض دليلا على ذلك الأصل ، كما أنّ الوجوه الّتي استند إليها أهل القول بأصالة التداخل لا ينهض دليلا على ما راموه ، فإنّ حاصلها بعد اسقاط الزوائد يرجع إلى امور خمس :
أحدها : أصالة براءة الذمّة عن الزيادة والتعدّد ، وأصالة عدم التعدّد.
وثانيها : أنّ الأسباب الشرعيّة معرّفات فإذا اجتمعت كان مقتضى الكلّ واحد.
وثالثها : أنّ الأسباب العديدة لا تقتضي إلاّ التكاليف العديدة ولا ملازمة بين تعدّد التكليف وتعدّد المكلّف به.
ورابعها : أنّه مقتضى الوحدة النوعيّة القائمة بالمسبّب ومقتضى إطلاقه.
وخامسها : أنّه يصدق الامتثال مع الأسباب العديدة بالاتيان بمسبّب واحد ، وإذا صدق الامتثال فلا مناص من الالتزام بكفاية الواحد والاجتزاء به.
وضعف الكلّ قد عرفته ممّا سبق مستوفى.
وعن الحلّي لما صار إليه من التفصيل الاحتجاج على كفاية الواحد في صورة التجانس