يقضي بتعدّد المستعمل فيه في صورتي الانفراد والاجتماع ، فإنّ الحكم في قوله : « البول موجب للوضوء ، والنوم موجب للوضوء » متعلّق بالماهيّة المطلقة لا محالة ، على ما هو الأصل في متعلّق الأحكام وما هو قضيّة وضع الألفاظ المطلقة للماهيّات ، من غير فرق في ذلك بين صورتي انفراد السببين أو اجتماعهما معا.
غاية الأمر لزوم كون الحكم المتعلّق بها في صورة الانفراد متّحدا وفي صورة الاجتماع متعددا ولا استحالة فيه ، نظرا إلى أنّ امتثال الأمر بالماهيّة ممّا لا يمكن إلاّ بايجاد الفرد فيجب بحكم العقل إيجاد فرد واحد تخييرا في صورة الانفراد امتثالا للأمر بها ، وإيجاد فردين كذلك في صورة الاجتماع امتثالا للأمرين بها أيضا من دون أن يلزم تجوّز في اللفظ ولا استعمال له في أكثر من معنى [ ولا تعارض المجاز والتخصيص ].
فإن قلت : فرض المستعمل فيه واحدا بالنسبة إلى كلتا الصورتين ممّا يفضي إلى اجتماع وجوبين في محلّ واحد وهو مستحيل.
قلنا : استحالة اجتماع الوجوبين في محلّ واحد إمّا من جهة امتناع امتثالهما مع وحدة المحلّ ، نظرا إلى أنّه لو حصل الإتيان به امتثالا لأحد الوجوبين فلا يبقى لامتثال الوجوب الآخر محلّ ، فيبقى ذلك الوجوب مطلوبا منه الامتثال مع عدم إمكان الامتثال وهو تكليف بما لا يطاق.
فيدفعه : أنّ ذلك إنّما يتّجه لو فرضنا المحلّ واحدا بالشخص وهو خلاف مفروض المقام ، ومن المعلوم أنّ امتثال الأمرين بالماهيّة ممّا يحصل بايجادها في ضمن فرديها.
أو من جهة اندراجه في اجتماع المثلين في محلّ واحد.
فيدفعه : منع الاستحالة لو كان وحدة المحلّ وحدة بالنوع ، وذلك لأنّ معنى استحالة اجتماع المثلين في محلّ واحد أنّه لا يعقل فرضهما في المحلّ الواحد على وجه يصدق عليهما عنوان الاجتماع مع كونهما مثلين في حال صدق هذا العنوان ، لأنّ الواقعة في اجتماعهما غير خالية عن فرض الامتياز بينهما أو فرض عدمه ، والأوّل ينافي الاجتماع والثاني ينافي الاثنينيّة [ ومرجعه إلى أنّ الاجتماع رافع للاثنينيّة والاثنينيّة مانع من الاجتماع ].
ولا ريب أنّ منافاة الاجتماع ومنافاة الاثنينيّة إنّما تلاحظان بالنسبة إلى الموجود الخارجي ، لكون الاجتماع والاثنينيّة من عوارض الشخص ولوازم الوجود الخارجي ، فيكون الحكم في استحالة اجتماع المثلين في محلّ واحد مختصّا بالجزئي الحقيقي