وإن كان المراد الغلبة والكثرة فهو أيضا باطل كما لا يخفى » بل هو كلام خال عن التحصيل ، وإنّما جعلنا ذلك من المناقشات على المختار من كون الأصل في الأسباب عدم التداخل لا دليله لقضائه بانهدام أصل ذلك المدّعى كما لا يخفى.
وإن كان يمكن إرجاعه إلى الدليل أيضا كما يرشد إليه صدر العبارة المرتبط بما تقدّم من منع المقدّمة الثالثة من مقدّمات الدليل.
وعلى أيّ حال كان فهو واه جدّا ولا ينبغي الالتفات إليه جزما ، ويظهر وجه فساده بالتأمّل في كلماتنا السابقة من أوّل المسألة إلى مقامنا هذا.
وثانيهما : ما أورده النراقي أيضا وهو بحسب الوضع وإن كان إيرادا على الدليل غير أنّه بكونه مناقشة على المدّعى أنسب وأليق ، حيث قال في عوائده :
« أقول : يرد على هذا الدليل أنّ إرادة المسبّب المغاير للمسبّب الأوّل عند تعدّد الأسباب توجب استعمال ألفاظ المسبّبات في حقيقته ومجازه أو في حقيقته في استعمال واحد ـ ضرورة إرادة الماهيّة أو مطلق الفرد على اختلاف القولين عند عدم تعدّدها ـ وذلك غير جائز ، فإذا قال الشارع : « البول موجب للوضوء ، والنوم موجب للوضوء » والمراد بالوضوء عند انفراد كلّ من السببين إمّا الماهيّة أو مطلق الفرد ، فلو اريد منه عند اجتماعهما الفرد المغاير لما وجب بالأوّل لكان لفظ « الوضوء » مستعملا في معنيين وهو غير جائز ، مع أنّه على القول المشهور من وضع الألفاظ المطلقة للماهيّة يكون عند التعدّد مستعملا في الفرد قطعا ضرورة عدم تعدّد في الماهيّة ، وهو مجاز معارض بتخصيص عموم السبب ، والتخصيص إمّا مقدّم على المجاز كما هو المشهور أو مكافؤ له كما هو الحقّ ، وعلى التقديرين لا يعلم عموم ما دلّ على السببيّة بحيث يشمل المورد أيضا » انتهى (١).
والجواب أوّلا : بأنّ ذلك يعارضه لزوم الاستعمال في المعنيين بالنسبة إلى أداة الشرط وما يجري مجراها لو قلنا بالتداخل ، ضرورة أنّ المراد بها في صورة الانفراد كون كلّ من الشرطين سببا تامّا فعليّا على التعيين ، فلو اريد بها بالقياس إلى صورة الاجتماع كون كلّ منهما جزء للسبب أو كون أحدهما المعيّن أو أحدهما لا بعينه سببا شأنيّا ـ نظرا إلى الوجوه المحتملة في القول بالتداخل ـ لزم ذلك وهو غير جائز.
وثانيا : بأنّه لا يجب فرض استعمال الوضوء وغيره من ألفاظ المسبّبات على وجه
__________________
(١) عوائد الأيّام : ١٠٣.