تأثير الأسباب العديدة فيها إلاّ حدثا واحدا ولا وضوءا (١) واحدا لكنّا حكمنا بلزوم التعدّد في الوضوء عملا بمقدّمات الدليل ، كما أنّه لولا الدليل الخاصّ في الأغسال بجواز الإتيان بغسل واحد في مقام الامتثال بالأغسال العديدة كقوله عليهالسلام : « إذا اجتمعت لله عليك حقوق أجزءك عنها واحد » كما في حديث زرارة عنه عليهالسلام (٢) لكنّا حكمنا بالتعدّد فيها أيضا بحكم تلك المقدّمات.
وكذلك الحال في كلّ مقام نرفع اليد عن أصالة عدم التداخل ، فإنّ ذلك حيثما اتّفق خروج عن الأصل بالدليل ، كما أنّ أصحاب القول بأصالة التداخل يعكسون الأمر.
فبما قرّرناه تبيّن أنّه لا وقع لما ذكره النراقي أيضا في جملة ردوده على هذا الدليل من أنّه : لو تمّ ذلك الدليل لم يجز في مثل قوله : « من بال فليتوضّأ ، ومن نام فليتوضّأ » لأنّ ورود الأوامر المتعدّدة على شيء واحد جائز كورود أزيد من ألف أمر بالصلاة والزكاة ونحوهما » (٣).
وأمّا الصنف الثاني من المناقشة فوجهان :
أوّلهما : عن المحقّق الخوانساري في بحث تداخل الأغسال من قوله : « إنّ ما يقال : إنّ الأصل عدم التداخل فكلام خال عن التحصيل ، لأنّ المراد بالأصل إن كان هو الظاهر ويصير حاصل الدليل : أنّ كلاّ من هذه الأسباب مستقلّ والظاهر استدعاء كلّ منها مسبّبا بانفراده ، فجوابه : منع الظهور ، بل الظاهر اقتضاء كلّ منها مسمّى الغسل وهو يتحقّق في ضمن فرد واحد.
وإن كان المراد به الاستصحاب ففساده ظاهر ، وإنّما الاشتباه من شيوع أنّ الأصل العدم بينهم ، فلم يتحقّقوا معناه واستعملوا في غير موضعه ، مع أنّه في موضعه محلّ كلام ليس هنا موضعه.
__________________
(١) كذا في الأصل.
(٢) قال في رسالته المعمولة في تداخل الأسباب والمسبّبات : « ولا ينبغي مقايسة ما نحن فيه في دعوى عدم الاستلزام على مواضع التأكيد كالأوامر المتكرّرة في الكتاب والسنّة بالصلاة والزكاة وغيرهما من الواجبات الأصليّة ، لأنّ المفروض في المقام تعدّد الوجوب بمعنى الطلب الحتمي المنقدح في النفس والموجود في موضع التأكيد معنى واحد خبري أو إنشائي يؤدّى بعبارات متكرّرة ولذا يقال في تفسيره : « أنّه أعاده لما أفاده » كما في قولنا : « ضرب زيد ضرب زيد » في إخبار واحد و « صلّ ركعتين صلّ ركعتين » لانشاء طلب واحد ، فالموجود في مقام وجوب واحد مبيّن بعبارات متعدّدة كأوامر الصلاة والزكاة لا وجوبات متعدّدة ، فعدم وجوب التعدّد حينئذ إنّما هو لعدم التعدّد الوجوب.
(٣) عوائد الأيّام : ١٠٢.