من حيث إنّه موضوع لنفس الطبيعة.
قلنا : ليس الأمر كذلك ، فإنّ المطلق إذا حكم عليه بحكم كما إذا قيل : « يجب الصلاة » مثلا فهذه القضيّة في حدّ ذاتها يتحمّل وجوها :
أحدها : أن يكون المراد جميع أفراد الصلاة.
وثانيها : أن يكون المراد فرد معيّن منها.
وثالثها : أن يكون المراد فرد غير معيّن.
ورابعها : أن يكون المراد الفرد المخيّر بالتخيير الشرعي
وخامسها : أن يكون المراد الطبيعة من حيث هي بلا ملاحظة الأفراد.
ولا ريب أنّ لفظ « الصلاة » في كلّ من تلك الاحتمالات يقع حقيقة كما قرّر في محلّه ، ونسبته إلى الجميع على نهج سواء لأهليّته بحسب الوضع للجميع نظرا إلى كونه موضوعا للطبيعة لا بشرط شيء ، ومن البيّن أنّ اللابشرط لا ينافيه ألف شرط.
غاية الأمر أنّه لا يحكم بتعيين شيء منها إلاّ بمعيّن داخلي أو خارجي ، لفظيّ أو عقليّ كدليل الحكمة القاضي بإفادته العموم الاستغراقي في مثل « أحلّ الله البيع » والعموم البدلي في مثل « أعتق رقبة ».
وقد عرفت أنّ دليل الحكمة ممّا يرفع اليد عنه بمجرّد وجود دليل على أحد الأطراف الّتي نفاه من إرادة فرد معيّن أو مبهم أو مخيّر فيه ، والدليل على خلافه فيما نحن فيه موجود وهو ظهور الأمر في تعدّد الطلب والمطلوب ، بل ظهور تعدّد السبب [ في ] تعدّد المسبّب ، والطبيعة لا تقبل التعدّد إلاّ من حيث الوجود فلا بدّ من الالتزام باعتبارها هنا من حيث الوجود تقديما لما هو من لوازم الوضع على ما هو من لوازم الإطلاق ومقتضيات دليل الحكمة.
مضافا إلى أنّ طرح الأوّل يفضي إلى التجوّز وطرح الثاني يقضي بالتقييد ، ومن المقرّر في محلّه إنّ التقييد أولى كما هو الحال في دوران الأمر بين التخصيص والتقييد ، حيث إنّ الثاني يرجّح لعدم استلزامه تجوّزا في المطلق من جهة وضعه للمعنى اللابشرط بخلاف التخصيص فإنّه يوجب المجاز في العام.
فإن قلت : وضع المطلق إذا كان ثابتا للمعنى اللابشرط الّذي لا يدخل فيه شيء من الشروط فينافيه شرط واحد فضلا عن ألف شرط ، فكيف يقال : بأنّ اللابشرط لا ينافيه ألف