ذلك عدّ علم اصول الفقه من مباني الفقه ومبادئ الاجتهاد ، كما يقال ـ في أخذ ثمرة كون صيغة « افعل » للوجوب عند إثبات الوجوب للصلاة مثلا في المسألة الفرعيّة استدلالا بقوله تعالى : ( أَقِيمُوا الصَّلاةَ )(١) ـ : « أقيموا » صيغة « افعل » وكلّ صيغة « افعل » حقيقة في الوجوب « فأقيموا » حقيقة في الوجوب.
ثمّ يقال في أخذ ثمرة أصالة الحقيقة في الاستعمال : أنّ « أقيموا » لفظ مستعمل في الخطاب مجرّدا عن قرينة المجاز ، وكلّ لفظ مستعمل في الخطاب مجرّدا عن قرينة المجاز يجب حمله على معناه الحقيقي « فأقيموا » يجب حمله على معناه الحقيقي وهو الوجوب ، فدلّت الآية على وجوب الصلاة.
وفي إثبات وجوب الحجّ على المستطيع استدلالا بمثل : « إن لم تكن مستطيعا فلا يجب عليك الحجّ » على تقدير وروده في خطاب الشرع على القول بحجّيّة مفهوم الشرط ، يقال : الحجّ ما ورد بعدم وجوبه على تقدير عدم الاستطاعة الجملة الشرطيّة ، وكلّما ورد بعدم وجوبه على تقدير عدم الاستطاعة الجملة الشرطيّة فهو واجب على تقدير « الاستطاعة » فالحجّ واجب على تقدير « الاستطاعة ».
أمّا الصغرى : فبحكم الفرض ، وأمّا الكبرى : فلأنّ تعليق الحكم على شرط يقتضي انتفاءه عند انتفاء الشرط ، والمنكر للحجّيّة يدرجه فيما لا نصّ فيه فيقول : الحجّ عند الاستطاعة ما لا نصّ بوجوبه ، وكلّما لا نصّ بوجوبه فليس بواجب ، فالحجّ ليس بواجب.
وحينئذ فربّما يتّجه القول بأنّ ثمرة الفرق بين القول بالحجّيّة والقول بعدمها تظهر فيما لو كان المفهوم مخالفا للأصل ، إذ النتيجة المحصّلة بالاستنباط حينئذ على الأوّل حكم مخالف للأصل وعلى الثاني حكم موافق له ، بخلاف ما لو كان موافقا للأصل إذ النتيجة المحصّلة به على القولين حكم موافق للأصل فلم يظهر بينهما فرق.
فالإيراد عليه حينئذ : بأنّ الثمرة بينهما تظهر في مسألة وجوب الفحص أو في مقام التعارض غير سديد ، إلاّ أن يراد بها مطلق الفائدة المترتّبة على المسألة وإن لم تكن مقصودة من تدوينها ، أو ما هو من الآثار المترتّبة على الحكم الواقعي والحكم الظاهري فيرجع إلى ما بيّنّاه.
هذا كلّه مضافا إلى أنّ القائل بالحجّيّة ومنكرها سيّان في لزوم الفحص.
__________________
(١) البقرة : ٤٣.