واعلم : أنّ بعض الأصحاب توقّف في وجوب العزم ، على الوجه الذي ذكر. وله وجه ، وإن كان الحكم به متكرّرا في كلامهم. وربّما استدلّ له بتحريم العزم على ترك الواجب ، لكونه عزما على الحرام ، فيجب العزم على الفعل ، لعدم انفكاك المكلّف من هذين العزمين ، حيث لا يكون غافلا ، ومع الغفلة لا يكون مكلّفا. وهو كما ترى.
حجّة من خصّ الوجوب بأوّل الوقت : أنّ الفضلة في الوقت ممتنعة ؛ لأدائها إلى جواز ترك الواجب ؛ فيخرج عن كونه واجبا. وحينئذ فاللازم صرف الأمر إلى جزء معيّن من الوقت ، فإمّا الأوّل أو الأخير ، لانتفاء القول بالواسطة. ولو كان هو الأخير ، لما خرج عن العهدة بأدائه في الأوّل. وهو باطل إجماعا ، فتعيّن أن يكون هو الأوّل.
________________________________
الفرد الاضطراري فإمّا أن يكون مكلّفا بما لا يسعه من الفرد الاختياري أو بما يسعه من الفرد الاضطراري ، أو لا تكليف له بالصلاة في أوّل الوقت بل يجب عليه انتظار الآخر ليصادفه زوال العذر الموجب للتمكّن عن الفرد الاختياري ، والأوّل تكليف بما لا يطاق ، والثالث موجب للتقييد في دليل التوقيت ، وهو ممّا لا دليل عليه إلاّ ما قرّر من الأصل الّذي لا يصلح لذلك لارتفاع موضوعه الّذي هو الشك بملاحظة إطلاق التوقيت الّذي هو دليل اجتهادي فتعيّن الثاني.
لا يقال : لو اخترنا وجوب التأخير إلى زوال العذر لا يلزم خلوّ الأوّل عن التكليف لينافيه إطلاق دليل التوقيت ، بناءا على جواز التكليف بالشيء قبل مجيء وقته ، على نحو يكون التكليف مطلقا والمكلّف به مقيّدا نظير وجوب الصيام في نهار رمضان الّذي يتعلّق قبل الفجر.
لأنّا نقول : بأنّ المنافاة إنّما تحصل بالنسبة إلى الأجزاء ، فإنّ قضيّة إطلاق التوقيت حصول التكليف في كلّ جزء وتساوي نسبة الأجزاء بعضها إلى بعض في كون إيقاع الفعل في كلّ مجزيا وموجبا للامتثال.
ومن هنا يتحصّل تحقيق إجمالي بالقياس إلى مسألة الإجزاء في الأمر ، ومثله الكلام فيما لو كان في أوّل الوقت بلا عذر عالما بطروّه فيما بعده أو محتملا له فأخّر الصلاة إلى