والجواب عن الأوّل : أنّ الانفصال عن المندوب ظاهر ممّا مرّ ، فإنّ أجزاء الوقت في الواجب الموسّع باعتبار تعلّق الأمر بكلّ واحد منها على سبيل التخيير تجرى مجرى الواجب المخيّر. ففي أيّ جزء اتّفق إيقاع الفعل فهو قائم مقام إيقاعه في الأجزاء البواقي. فكما أنّ حصول الامتثال في المخيّر بفعل واحدة من الخصال لا يخرج ما عداها عن وصف الوجوب التخييرىّ ، كذلك إيقاع الفعل في الجزء الأوسط أو الأخير من الوقت في الموسّع لا يخرج إيقاعه في الأوّل منه مثلا عن وصف الوجوب الموسّع ، وذلك ظاهر. بخلاف المندوب ،
________________________________
وقد تقرّر في محلّه أنّه قبيح وموجب للعصيان وإن استتبع العفو.
وهذا الجواب يرجع محصله إلى النقض الإجمالي كالثاني ممّا ذكره المصنّف من الجوابين.
وأمّا الأوّل منهما فالظاهر رجوعه إلى كونه جوابا بالمعارضة كما لا يخفى.
ولهم حجج اخرى واهية :
منها : ما أشار إليه البهائي ـ مضافا إلى ما سبق منه ـ من لزوم تساويه قبل الوقت وفيه.
ومنها : أنّ تارك المأمور به في الحال مع عدم العزم له في المستقبل معرض عن الأمر ، والإعراض عنه حرام ، وترك الحرام واجب ، وهو إمّا بالفعل أو ببدله وهو العزم لانحصار البدليّة فيه إجماعا.
ومنها : أنّ العزم على ترك الواجب عزم على الحرام ، والعزم على الحرام حرام ، فالعزم على ترك الواجب حرام ، فحينئذ يجب العزم على فعل الواجب لعدم انفكاك المكلّف عن هذين العزمين ، فحيث امتنع أحدهما وجب الآخر.
والجواب عن الأوّل : بمنع لزوم التساوي بمجرّد عدم بدليّة العزم ، كيف وهو ممّا لا يجوز تركه في تمام الوقت وإيقاعه في أيّ جزء منه بقصد أداء المأمور به وامتثال الأمر الجازم جائز وموجب للامتثال بخلافه ما قبل الوقت ، فإن تركه فيه رأسا جائز والإتيان به على القصد المذكور محرّم لكونه تشريعا ، وكلّ من لوازم عدم الوجوب.
ومن البيّن أنّ انتفاء اللازم من أدلّة انتفاء الملزوم.
وعن الثاني : بمنع تحقّق موضوع ... (١)
__________________
(١) ومن المؤسف ضياع بعض الأوراق هنا من نسخة الأصل.