وبأنّه ثبت في الفعل والعزم حكم خصال الكفّارة ، وهو أنّه لو أتى بأحدهما أجزأ ، ولو أخلّ بهما عصى* (١) ، وذلك معنى وجوب أحدهما ؛ فيثبت.
________________________________
وهذا الجواب وإن كان بظاهره أمتن ممّا ذكره السيّد في المنية كما لا يخفى على المتأمّل ، إلاّ أنّ فيه أيضا عند التحقيق شيئا ، وهو أنّ اعتبار البدليّة فيما بين الجزئيّات المتمايزة بالوقت على نحو ما يعتبرها المستدلّ فيما بين الفعل والعزم مبنيّ على أحد الأمرين ، من تعلّق الأحكام بالأفراد أو استلزام التوسعة في الوقت التخيير الشرعي فيما بين أجزائه والجزئيّات المتمايزة بتلك الأجزاء ، والكلّ ممنوع كما عرفت سابقا ، مع ابتناء ذلك على تغيير في عبارة الدليل بأن يقال : لو جاز تركه بلا بدليّة العزم لم ينفصل عن المندوب.
والأولى في دفع الاحتجاج أن يقال : بأنّ دعوى كون الواجب ما لا يجوز تركه لا إلى بدل متين لا غبار عليه ، ولكنّه لا ينافي وجوب الموسّع على تقدير عدم بدليّة العزم ، لأنّ ما ذكر في الحدّ مفهوم له نوعان :
أحدهما : ما يجوز تركه إلى بدل كالمخيّر في التخيير الشرعي كما في الخصال.
وثانيهما : ما لا يجوز تركه رأسا ، لأجل أنّه لا بدل له في الشريعة كالواجب العيني ، ولا سيّما إذا كان مضيّقا بالمعنى الأخصّ ، والموسّع من هذا النوع فعدم كون العزم بدلا عنه لا يستلزم جواز تركه لئلاّ ينفصل عن المندوب.
فبجميع ما ذكرناه تبيّن أنّ أجوبة هذا الاحتجاج ثلاث ، غير الأخير منها ما وجدناه في كلام القوم كما عرفت.
وأمّا هو فلم نجد من تعرّض منهم لذكره ولعلّه أمتن وأسدّ.
وأمّا الجواب عمّا قرّره البهائي : فبأنّ الواجب على ما يساعد عليه النظر ما لا يجوز تركه لا إلى بدل ولا عن عذر ، والموت فجأة يصلح عذرا في المقام على ما هو المصرّح به في كلام غير واحد ، فلا يخرج الموسّع بلا بدليّة العزم عن الوجوب بسبب حصول تركه بالموت فجأة.
(١) * والجواب : أنّ لزوم العصيان بالترك في آخر الوقت مسلّم ولكنّه ليس من محلّ الكلام ، لكونه إخلالا بالواجب المعيّن لا فردي المخيّر ، وفي غيره ممنوع إن اريد مجرّد تركه مع عدم العزم عليه في ثاني الحال ، وإن اريد تركه مع العزم على عدم الفعل رأسا فهو كما لو تركه في آخر الوقت فإنّ العصيان إنّما هو على ترك الواجب المعيّن خاصّة ، فلو صادف بعد ذلك فعله كان العصيان المتقدّم على العزم على المعصية.