ولم يقم على وجوب العزم دليل غيره ؛ فيكون القول به أيضا تحكّما ، كتخصيص الوجوب بجزء معيّن.
احتجّوا لوجوب العزم : بأنّه لو جاز ترك الفعل في أوّل الوقت أو وسطه ، من غير بدل ، لم ينفصل عن المندوب* (١) ؛ فلا بدّ من إيجاب البدل ليحصل التمييز بينهما. وحيث يجب ، فليس هو غير العزم ، للاجماع على عدم بدليّة غيره.
________________________________
(١) * هذه الحجّة بهذا التقرير مذكورة عن السيّد في كلام جماعة منهم السيّد في المنية.
وقد يقرّر ـ كما في الزبدة ـ « بخلوّ تركه عن بدل في الفجاءة ولا اثم فيخرج عن الوجوب ». ويمكن كونه حجّة اخرى غير ما ذكر.
وعلى أيّ حال كان فأجاب السيّد في المنية : « بمنع الملازمة مستندا إلى أنّ إيقاع الصلاة في الوقت إنّما ينفصل عن المندوب بكونه امتثالا للأمر الجازم بخلاف المندوب ، ومشاركته للمندوب في جواز الترك وحصول الثواب لا يقدح في وجوبه مع انفصاله عنه بما ذكرناه ».
وكان محصّل كلامه في الجواب : أنّ ما ذكروه بين الواجب والمندوب من الفرق بأنّ الأوّل ما لا يجوز تركه بلا بدل والثاني ما يجوز تركه بلا بدل فرق بينهما اصطلاحي ، وعدم بقاء الفرق بينهما بحسب الاصطلاح على تقدير عدم وجوب بدليّة العزم لا يقضي بعدم الفرق بينهما بحسب اللبّ والمعنى ، والأحكام منوطة بالامور اللبّية والمعنويّة لا الامور الاصطلاحيّة ، والفرق بينهما من هذه الجهة حاصل ولو مع عدم بدليّة العزم ، وهو أنّ الصلاة الواقعة في الوقت إنّما تقع بعنوان كونه إمتثالا للأمر الايجابي الحتمي الجازم بخلاف المندوب ، فإنّه يقع لا بهذا العنوان.
وإلى هذا يمكن تنزيل ما أجابه العلاّمة في المختلف عمّا نقله عن السيّد من الاحتجاج المذكور من منع الملازمة ، فما ذكره البهائي في حواشي الزبدة في ردّ ذلك بأنّ : « للبحث في هذا الجواب مجالا واسعا » ليس في محلّه.
ويمكن تنزيل كلام العلاّمة إلى ما ذكره جماعة منهم المصنّف في منع الملازمة وهو ـ على ما قرّره بعض الأعلام ـ : أنّه لا كلام لنا في الفرد الأخير وأمّا في الباقي فالبدل متحقّق وهو كلّ واحد من الجزئيّات المتمايزة بالوقت.