والأكثرون على عدم الوجوب ، ومنهم المحقّق والعلاّمة رحمهما الله* (١) وهو الأقرب.
فيحصل ممّا اخترناه في المقام دعويان.
لنا على الأولى منهما : أنّ الوجوب مستفاد من الأمر ، وهو مقيّد بجميع الوقت. لأنّ الكلام فيما هو كذلك. وليس المراد تطبيق أجزاء الفعل على أجزاء الوقت ، بأن يكون الجزء الأوّل من الفعل منطبقا على الجزء الأوّل من الوقت ، والأخير على الأخير ؛ فإنّ ذلك باطل إجماعا. ولا تكراره في أجزائه ، بأن يأتي بالفعل في كلّ جزء يسعه من أجزاء الوقت. وليس في الأمر تعرّض لتخصيصه بأوّل الوقت أو آخره ولا بجزء من أجزائه المعيّنة قطعا ، بل ظاهره ينفي التخصيص ضرورة دلالته على تساوي نسبة الفعل إلى أجزاء الوقت.
فيكون القول بالتخصيص بالأوّل أو الآخر تحكّما باطلا. وتعيّن القول بوجوبه على التخيير في أجزاء الوقت. ففي أيّ جزء أدّاه فقد أدّاه في وقته.
وأيضا : لو كان الوجوب مختصّا بجزء معيّن ، فإن كان آخر الوقت ، كان المصلّى للظهر مثلا في غيره مقدّما لصلاته على الوقت ؛ فلا تصحّ ، كما لو صلاّها قبل الزوال. وإن كان أوّله ، كان المصلّي في غيره قاضيا ، فيكون بتأخيره له عن وقته عاصيا ، كما لو أخّر إلى وقت العصر ، وهما خلاف الإجماع.
ولنا على الثانية : أنّ الأمر ورد بالفعل ، وليس فيه تعرّض للتخيير بينه وبين العزم** (٢) ، بل ظاهره ينفي التخيير ، ضرورة كونه دالاّ على وجوب الفعل بعينه.
________________________________
في أنّ القول الثالث هو مذهب أصحابنا الإماميّة رضي الله عنهم وإلاّ لبطل حصر أقوال العلماء في الثلاثة » انتهى.
وحكاه بعض الأفاضل عن تلميذه الفاضل الجواد ، وعنه أيضا أنّه عزاه إلى أكثر أصحابنا.
(١) * نسبه بعض الأعاظم إلى المعظم واختاره وعليه بعض الأعلام وغيره ممّن تأخّر عنه ، واختاره السيّد في المنية تبعا لشيخه في التهذيب وغيره ، وعزاه إلى أبي الحسين البصري وفخر الدين وأكثر المحقّقين وهو المختار.
(٢) ** احتجاج على عدم وجوب العزم بدلا عن الفعل حسبما توهّمه الجماعة ، والحجّة