ترجع إلى قياس استثنائي وارد في القضيّة المأخوذة على حدّ منع الخلو.
ومحصّله أنّه لو وجب العزم تخييرا بينه وبين الفعل في أوّل الوقت فإمّا أن يكون ذلك بدلالة أصل الأمر الوارد بذلك الفعل أو بدلالة خارج عليه ، ولا سبيل إلى شيء منهما.
أمّا الأوّل : فلأنّ الأمر في الدلالة على التوسعة ورد مطلقا ولم يكن في الدلالة على جواز تأخير الفعل عن أوّل الوقت إلى آخره مقيّدا بما يقضي ببدليّة العزم واشتراط جواز تأخيره بالعزم عليه في ثاني الحال ليلزم منه ثبوت التخيير بينهما ، بل هو من جهة تعلّقه بما لم يؤخذ معه ما أوجب سقوط جهة التعيين عنه وعدم اعتبارها معه كما في الأمر بالخصال ظاهر في نفي التخيير ودالّ على وجوب الفعل بعينه.
وأمّا الثاني : فلعدم قيام دليل من العقل والنقل على أنّ العزم واجب تخييرا بينه وبين الفعل ، وعدم الدليل في مثله دليل العدم ، مضافا إلى أنّ الأصل عدمه من جهات عديدة ، والوجوه الّتي استندوا إليها لوجوبه على نحو البدليّة كلّها مدخولة لا تنهض دليلا عليه.
وبما قرّرناه يندفع ما أورده البهائي على الاستدلال لخلوّ الأمر عن الدلالة على البدليّة ، وعلى ما ذكره العلاّمة في المختلف في إبطال مذهب المرتضى ـ من أنّ وجوب الموسّع لا يستلزم وجوب العزم ، وإنّما وجوب العزم مستفاد من أحكام الإيمان لا من وجوب الموسّع ـ : « بأنّ خلوّ الأمر عنها لا يمنع ثبوتها لدليل » وأنّ السيّد لم يقل بأنّ وجوب العزم مستفاد من وجوب الموسّع وإنّما استفاده من لزوم خروج الواجب عن كونه واجبا » فإنّ هذا الدليل كغيره من أدلّة هذا القول عليل ولا يصلح دليلا على الحكم المخالف للظاهر والاصول لما سيتبيّن بعد ذلك إن شاء الله.
واستدلّ على ذلك أيضا بوجوه :
منها : أنّ البدل لا بدّ وأن يكون مساويا لمبدله في جميع الامور المعتبرة وإلاّ لم يكن بدلا عنه لأنّه قائم مقامه ، ولا يعقل إلاّ إذا اعتبر فيه جميع ما هو معتبر في المبدل والعزم ليس منه ، لأنّ الفعل مسقط للتكليف وهو لا يسقطه فلا يكون بدلا.
ومنها : أنّ البدل لا بدّ وأن يوافق مبدله في العدد وإلاّ يستحيل كونه بدلا ، لأنّ وجوب البدل على حدّ وجوب المبدل ، فحينئذ إن وجب العزم في الوسط أيضا لزم مخالفة البدل من جهة تعدّده للمبدل من جهة اتّحاده ، وإلاّ فإن وجب الفعل في الوسط لزم التكرار في الأمر ، وإن لم يجب لزم سقوطه في الأوّل ببدليّة العزم ، والكلّ باطل.