ولكنّه يجري على المختار من أنّه لا بدّ في الحكم بالسقوط من العلم بالحصول ولا يكفي فيه الظنّ لو علم كلّ طائفة بحصول الفعل من الاخرى فانكشف خلافه بكونه جهلا مركّبا.
وعلى أيّ حال كان ، فأوّل الأقوال السقوط وعدم بقاء التكليف ، صرّح به من العامّة شارح المنهاج ، فقال : « وحكم الفرض على الكفاية أنّه لو ظنّ كلّ من الطائفة أنّ غيره فعل ذلك الواجب سقط عنهم وإن لم يفعل أحد في نفسه » وهو الظاهر من إطلاق العبارة المحكيّة عن المنهاج موافقة للنهاية من أنّه إن ظنّ كلّ طائفة من المكلّفين أنّ غيره فعل يسقط الواجب عن الكلّ.
بل يظهر من إطلاق ما حكاه السيّد في المنية عن فخر الدين من أنّ التكليف فيه موقوف على حصول الظنّ الغالب ، فلو غلب على ظنّ جماعة أنّ غيرها يقوم بذلك سقط عنها ، وإن غلب على ظنّهم أنّ غيرها لا يقوم به وجب عليهم ، وإن غلب على ظنّ كلّ طائفة أنّ غيرهم لا يقوم به وجب على الجميع وجوبا على الأعيان ، وإن غلب على ظنّ كلّ طائفة أنّ غيرهم يقوم به سقط الفرض عن كلّ واحد من تلك الطوائف.
وهو الظاهر من إطلاق العلاّمة في التهذيب حيث قال : « والتكليف فيه موقوف على الظنّ فإن ظنّت طائفة قيام غيرها به سقط عنها ، ولو ظنّت كلّ طائفة ذلك سقط عن الجميع »
ويظهر أيضا عن البهائي فيما تقدّم من تعريف الكفائي بأنّه ما يسقط عن الكلّ بفعل البعض قطعا أو ظنّا شرعيّا ، مفسّرا للظنّ الشرعي في الحاشية بما يوجبه من اخبار العدلين أو الشياع أو الخبر المحفوف بالقرائن ونحوه.
وثانيها : بقاء التكليف بعده ما دام الوقت باقيا صرّح به بعض الأفاضل واستظهر بعض الأعاظم مستدلاّ بإطلاق الأمر وكون اعتبار الظنّ من باب المرآتيّة لا الموضوعيّة.
وثالثها : التفصيل الّذي حكاه الفاضل المشار إليه عن بعض الأفاضل حيث إنّه بعد ما استشكل في القول بالسقوط مطلقا قال : « انّ التحقيق فيه التفصيل بأنّه إن كان هناك عموم أو إطلاق يقضيان بلزوم الإتيان بذلك في جميع الأحوال تعيّن العمل به ، وإلاّ فلا ، عملا بالاستصحاب » والظاهر أنّ مراده بالاستصحاب استصحاب السقوط المحكوم به حال الظنّ.
وتنظّر بعضهم في الحكم بالسقوط مطلقا وظاهره التوقّف حيث قال : « إذا حصل هذا الظنّ للجميع ولم يقم به فهل يسقط الوجوب أم لا؟ فيه نظر ، إذ يلزم منه ارتفاع الوجوب قبل أدائه من غير مبيح.