ويدفعه : أنّ سقوط الوجوب قد يكون بغير المبيح كانتفاء محلّه مثل الإحراق الرافع لوجوب الغسل ».
والّذي يظهر أنّ ذلك البعض هو الفاضل الجواد فيكون ذلك رابع أقوال المسألة.
والصواب هو القول الثاني ، وقد قدّمنا التحقيق في نظيره في مسألة الأمر الموسّع إذا ظنّ المكلّف ضيق الوقت فانكشف فساد ظنّه ، ونقول هنا أيضا أنّ المسقط للكفائي بحكم الأمر ليس إلاّ حصول الفعل من البعض في الواقع دون العلم أو الظنّ بحصوله ، وإنّما هما واسطتان في الحكم بالسقوط لا نفس السقوط فإذا انكشف فسادهما تبيّن عدم السقوط.
وبعبارة اخرى : أنّ العلم أو الظنّ علّة للحكم بالسقوط لا نفس السقوط ، فإذا تبيّن فسادهما انكشف فساد العلّة وهو يستلزم فساد المعلول ، فتبيّن أنّ الحكم بالسقوط إنّما وقع في غير محلّه فيكون وجوده بمنزلة عدمه ، ولا يعقل معه إلاّ بقاء الوجوب على حاله إلى أن يحصل أداء متعلّقه أو يخرج وقته.
والاستصحاب المتقدّم في المحكيّ عن بعض الأفاضل لا عبرة به ، بل لا استصحاب في الحقيقة من جهة سريان شكّه إلى آن اليقين كعدالة زيد إذا صار حال الشكّ في البقاء حدوثها في الآن السابق مشكوكا فيه ، بأن يكون الزمان اللاحق ظرفا للشكّ في البقاء والحدوث معا.
وعاشرها : ربّما يحكى عن ظاهر غير واحد القول بأنّ فرض الكفاية أفضل من فرض العين.
وعزى القول به على ما في كلام بعض الأفاضل إلى أكثر المحقّقين.
ويظهر من الفاضل المشار إليه الميل إلى العدم ونفى عنه البعد بعض الأعاظم تعليلا باشتماله على الامتثال مع الإحسان على الامّة بسبب تخليصهم عن العقاب مع كونه حافظا لمصلحة يترتّب نفعها على الجميع ويحلّ نفسه محلّهم بخلاف فرض العين.
وأنت خبير بوهن الجميع من جهة أنّ الاشتمال على الامتثال مشترك بينهما والإحسان على الامّة قد يتأتّى في العينيّات ، كما أنّ حفظ المصلحة الّتي يعود نفعها إلى الجميع قد يترتّب في بعض المندوبات كالوقف على جهة عامّة أو الوصيّة لها.
وعن الأكثر الاحتجاج بأنّه : ما يسقط الحرج بفعله عن نفسه وعن غيره.
وأورد عليه :
أوّلا : بأنّ الواجب في العيني أفعال عديدة وفي الكفائي فعل واحد ، ومن الواضح أنّه