والمفروض أنّ قصد الوجه ليس بلازم في أداء المأمور به ، وقد حصل الأداء من البعض على وجهه ، غير أنّه يخرج قصد الاستحباب منه لغوا لكونه قصدا في غير محلّه ، وإنّما العبرة بحصول ما هو المأمور به في الواقع عند القائل بالوجوب والمفروض حصوله فيؤثّر أثره ، ومنه سقوط الفرض عن المتقاعد.
ومن مواضع الإشكال الاختلاف بين البعض الآتي بالفعل وبين الباقي في الحكم الظاهري الناشئ عن الاشتباه والحكم الواقعي المبنيّ على عدم الاشتباه ، كما لو أقدم البعض على غسل الميّت بالماء المستصحب الطهارة وعلم الآخر بملاقاته النجاسة ، فهل يوجب ذلك سقوط الفرض عن الآخر؟
فيه إشكال من أنّ البعض قد أتى بالمأمور به حال الاشتباه على وجهه فقضى ذلك بالسقوط عنه وعن الآخر ، لأنّ الضابط في الأمر بالكفاية أنّه إذا سقط عن البعض سقط عن الجميع ، ومن أنّ ذلك العمل وقع فاسدا في اعتقاد الآخر فلا ينشأ منه بالنسبة إليه أثر.
ولكنّ الأمر في ذلك بعد ما عرفت من معنى « الحمل » و « الصحّة » هيّن ، فإنّ من لا اشتباه له قبل تشاغل من له الاشتباه بأداء الفعل كان تكليفه بالتغسيل بغير ذلك الماء ، وكما أنّه قبل التشاغل لو أراد الغسل بذلك الماء لم ينشأ منه بالنسبة إليه أثر فكذلك لم ينشأ منه أثر بالنسبة إليه لو حصل التشاغل وأداء الفعل من غيره ، وكون ذلك الفعل بالنسبة إلى فاعله محكوما بالصحّة لانطباقه على المأمور به الظاهري حكم ظاهري في حقّه ولا ملازمة بينه وبين الحكم الواقعي في حقّ الآخر ، فإنّ الحكم الواقعي في حقّ الآخر انطباق العمل على المأمور به الواقعي ولم يحصل فرضا ، ولا منافاة بين سقوط التكليف عن الفاعل وعدم سقوطه عن الآخر ، ودعوى أنّ الضابط في الكفائي أنّه إذا سقط عن البعض سقط عن الجميع إنّما تصحّ ، إذا اتّحد القضيّة في تكليفيهما موضوعا ومحمولا ، كما لو كان التكليف بالنسبة إلى كليهما ظاهريّا أو واقعيّا فالتفكيك بينهما في السقوط وعدمه في الصورة المفروضة إنّما جاء من الفرق بينهما في موضوعي القضيّتين من حيث كون التكليف في أحدهما ظاهريّا وفي الآخر واقعيّا.
وأيضا ما سقط عن الفاعل إنّما هو حكم ظاهري جاء في حقّه من أدلّة الاستصحاب الواردة على أدلّة الواقع الجارية في حقّه الغير الجارية في حقّ غيره ، لأنّ الاستصحاب مع العلم بالخلاف ممّا لا معنى له ، وكما أنّ الاستصحاب وأدلّته غير جاريين في حقّه فكذلك