ومنشأ الإشكال في الأوّل : أنّ الفعل من حيث صدوره عن الفاعل له استناد اليه فالصحّة المعتبرة فيه من هذه الحيثيّة ما اقتضاه اجتهاده أو اجتهاد من يقلّده ، فلذا لا يكون مجزيا في حقّه لو وقع على خلاف ما اقتضاه ذلك الاجتهاد ولو طابق ما اقتضاه اجتهاد غيره ، ومن حيث قيامه مقام فعل الباقي له استناد إلى الباقي فالصحّة المعتبرة فيه من هذه الحيثيّة ما اقتضاه اجتهاد الباقي أو اجتهاد من يقلّده ، فلذا لا يقع مجزيا في حقّه لو أتى به على طبق ما اقتضاه اجتهاد الفاعل.
فيرجع إشكال المسألة إلى أنّ العبرة في إعمال أصالة الصحّة هل هي بالصحّة عند الفاعل أو بالصحّة عند الحامل؟ وحيث قد بيّنا في رسالة منفردة لنا (١) في تحقيق ذلك الأصل على أنّ العبرة في الصحّة بما يكون كذلك عند الحامل يتّضح دفع ذلك الإشكال.
وبيانه الإجمالي هنا : أنّ ذلك الأصل على ما يستفاد من أدلّته طريق قرّره الشارع لغير الفاعل الحامل له على الصحّة إلى ترتيب آثار الصحّة على الفعل الصادر من المسلم خاصّة ، لأنّ الفاعل له طريق آخر إلى ترتيب آثار الصحّة على فعله وهو اجتهاده أو اجتهاد من يقلّده الّذي أمضاه الشارع وجعله نافذا في حقّه فإنّه إذا أوقع الفعل على طبق ذلك الاجتهاد لا حاجة له في ترتيب آثار الصحّة عليه إلى طريق آخر ، حتّى ذلك الأصل المقرّر في الشريعة لترتيب آثار الصحّة على فعله من حيث كونه صادرا منه ، ومعنى ترتيب آثار الصحّة عليه لغير الفاعل ـ الّذي جعل ذلك الأصل طريقا له إلى ترتيبها ـ ترتيب الأحكام المتعلّقة به شرعا المعلقة على صدور ذلك الفعل على وجه الصحّة ، ومعنى كونه طريقا أنّ صدور الفعل من المسلم الذى هو موضوعه ممّا جعله الشارع قائم مقام تحقّق الأمر الواقعي الّذي علّق عليه أحكامه المتعلّقة به ، وهو الّذي يكون واقعيّا في نظره لا في نظر غيره فإنّ اعتقاد كلّ معتقد حجة في حقّه لا في حقّ غيره.
ومن جملة تلك الأحكام سقوط الفرض في الكفائي عنه بمجرّد صدور الفعل عن غيره على وجه الصحّة ومعه كيف يعقل البناء (٢). منه على الصحّة عند غيره الّتي هي عين الفساد عنده.
__________________
(١) قاعدة حمل فعل المسلم على الصحّة ( المطبوعة بانضمام رسالة في العدالة ) : ٢٤٧.
(٢) فإنّه إذا كان حكمه معلّقا على تحقّق الأمر الواقعي الّذي هو عبارة عمّا يكون واقعيّا في نظره فلا بدّ وأن يكون صدور الفعل من المسلم الّذي هو قائم مقام تحقّق ذلك الأمر الواقعي محكوما بانطباقه على ذلك الأمر الواقعي من حيث إنّه واقعي في نظره لا من حيثيّة اخرى. ـ